على العرب أن يتذكروا جيداً مساء اليوم الأول من فبراير العام 1979، حيث وصول طائرة الخميني مطار طهران، ومغادرة الشاه إلى جهة غير معلومة، وإعلان حكم الملالي لإيران، هذا التاريخ يجب أن يحفر في الذاكرة العربية، لأن من ضحى بنظام الشاه المدني العلماني الليبرالي المقبول عالمياً واستبدله بنظام رجعي كهنوتي قديم، لاشك أن له هدفاً استراتيجياً خطيراً وعميقاً في العبث بأمن المنطقة العربية والتدخل بشؤونها، وتمزيق أوصالها، وخلق فوضى عارمة، كما هو حاصل الآن. إيران دخلت العراق بحجة المساعدة في إقامة الأمن والاستقرار، لكن إيران أججت الحرب الطائفية فقُتل وشرد الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ، ثم جاءت بكل الإرهابيين من شتى بقاع الأرض وزجت بهم داخل العراق من أجل شيطنة وتشويه المكون العربي السني، ونجحت في ذلك، حيث دارت بين الشيعة والسنة تصفيات ومواجهات دامية، كلها بسبب إيران وتدخلاتها السافرة، ثم استدارت إلى سورية وعملت الشيء نفسه من القتل والتشريد والتهجير الديموغرافي المنظم لمئات الآلاف من الأسر السورية النازحة بحجة خلق مناطق لخفض التصعيد. مع أن إيران جاءت إلى سورية من أجل تأجيج الصراع وليس خفضه عبر وجودها المستتر في سورية وأذرعها الممتدة من طهران إلى حماس في غزة وحزب الله في لبنان مروراً بالبحرين واليمن ومناطق أخرى. هذا ما فعلته إيران بالمنطقة العربية ولا ننسى المفاعل النووي الذي اقتطعت ثمنه من رغيف الخبز للشعب الإيراني المغلوب على أمره، لتحقيق أحلامها التوسعية. إن إيران الآن في طول سورية وعرضها وفي كل المناطق السورية حتى أصبحت على مرمى حجر من الحدود الإسرائيلية بحجة دعمها للمقاومة، مع أن إيران غير جادة في محاربة إسرائيل وهي تستخدم شعار المقاومة وتحرير القدس كدعاية رخيصة لكسب سذاجة الشارع العربي من أجل الهيمنة على المنطقة، لكن هذا التكتيك الإيراني أو هذه المزحة الإيرانية انتهت ولن تسمح بها إسرائيل مطلقاً وربما تكون القشة التي سوف تقصم ظهر إيران. إن إسرائيل هذه المرة لن تقوم بضربات تكتيكية لحزب الله في لبنان لأن الفعل العسكري الإسرائيلي التكتيكي ممنوع هذه الأيام في عرف المشرع السياسي الإسرائيلي، فإيران أعطيت هامشاً كبيراً من المناورة ولابد لإسرائيل من الحسم، كل الدلائل على الأرض تشير إلى أن المشروع الإيراني الآن في حالة جزر سيتوقف عن التمدد وربما يرتد إلى الداخل الإيراني لقاء فعل سياسي صارم أو عسكري سيوجه قريباً لإيران، ومن هذه الدلائل هو انسحاب الرئيس الأميركي ترمب من الاتفاق النووي الإيراني، والذي جاء نجاحاً للدبلوماسية السعودية المتمثلة في الرحلات المكوكية التي قام بها رجل المرحلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. Your browser does not support the video tag.