أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. خالد الغامدي المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته وإجتناب نواهيه ، وقال في خطبة الجمعة من المسجد الحرام انة من محاسن الشريعة ما جاءت به من الآداب والاحكام لحفظ حقوق الناس وأموالهم , وكما أنها أوصت المستدين بوصايا نافعة ليبارك الله له وينتفع بدينه , فكذلك ندبت الشريعة وحثت من كان ذا مال وافر وكان مقتدرا ألا يمنع الناس من فضل لله الذي عنده إذا جاءه مكروب ذو حاجة للاستدانه , لان تفريج كربات الناس وإدخال السرور عليه ونفعهم من اجل القربات عند الله , والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخوانه , وهو من صور التكافل الاجتماعي والتعاون على البر والتقوى وعلى الدائن ان يحرص على ان يحسن نيته في اقراض المحتاجين ويقصد وجه الله لا رياء ولا سمعه (إنما نطعمكم لوجه لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) وعلى الدائن أن يصبر على المستدينين ولا يمن عليهم ولا يفخر عليهم , وينبغي أن يمهلهم ولا يؤذيهم بالمطالبة والمداعاة إذا لم يظهر منهم مماطلة أو تحايل , ويجمل بالدائن أن ينظرهم إذا طلبوا الإنظار لعسرهم وحاجتهم ,إذا سمحت نفسه فسامحهم في ديونهم أو وضع عنهم فهذا هو الفضل والكرم والشرف ,فقد ثبت في صحيح مسلم ( من أنظر معسرا – أي امهله ولم يعجل عليه ,أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل الا ظله ) وفي مسند احمد (من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة ) وفي رواية ( مثليه )يعني يكون للدائن بمثل مقدار الدين كل يوم صدقه إذا أمهله وأنظره , وفي الصحيحين أن رجلا كان يداين الناس فإذا جاءه رجل معسر قال لفتيانه : تجاوزوا عنه لعل الله يتجاوز عنا , قال : فلقي الله فتجاوز عنه , وقد رغبت الشريعة في أن يقوم الموسرون واهل الفضل بقضاء ديون المحتاجين والمعوزين ممن حل اجل ديونهم ولا يقدرون على السداد أو المأسورين بديونهم , سواء كان ذلك من زكواتهم أو غيرها , وقد جعل الله من مصارف الزكاة إعطاءها للغارمين , خاصة إذا كان المدين والدا او ولد , فإن قضاء الديون عن الوالدين أو الأبناء أو احد الزوجين عن الآخر فيه أجران : أجر القرابة والصلة وأجل تفريج الكربات ,ومهما فعل الابن مع ابويه فلن يوفيهما شكرا ولن يبلغ جزاءهما ( لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه ) وعند البيهقي في الشُعب ان ابن عمر رأى رجلا يطوف بالبيت وهو يحمل امه على ظهره , فقال : يا ابن عمر أتراني جزيتها ؟ قال: لا, ولا بزفرة واحدة ) يعني من زفراتها حال الولادة , وحذر الشيخ الغامدي الدائن من أن يطلب زيادة على رأس مال الدين عند إقراضه للناس فقال إن ذلك هو ربا الجاهلية , وليحذر أيضا من أجر او منفعة تحصل له من المستدين بسبب الدين لأن ذلك يدخل في القاعدة المشهورة .( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) , وقد كان كثير من السلف أذا أقرضوا رجلا لا يقبلون منه أي شيء حتى الدعوة إلى الطعام حتى يرد إليهم ديونهم خشية أن يقعوا في النفع الذي جره القرض , وهذا من تمام ورعهم وخشيتهم , وقد قال ابن عباس " إذا أسلفت رجلا سلفا فلا تقبل منه هدية كراع ولا عارية ركوب دابة " , ونقل ابن المنذر إجماع العلماء على ذلك , فما احرانا ان نتأدب بآداب الشرع وتعاليمه ففيها والله الغناء والكفاية والهداية والصلاح . واكد فضيلتة على ما شددت الشريعة في أمر الدين والإستدانة إلا لحفظ مصالح الناس وحفظ حقوقهم المبينة على حفظ الضرورات الخمس المشهورة ومنها حفظ المال , حتى لا يصبح أفراد المجتمع مرتهنين لغيرهم قد غُلت أيديهم إلى أعناقهم بديونهم وفي ذلك مالا يخفى من الأثار السلبية والمفاسد على الأفراد والمجتمعات , فقد يقع المستدين في الخوف وعدم الشعور بالأمن النفسي خاصة اذا لقي غريمه وحل وقت السداد , وهذا مصداق لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في السند ( لا تخيفوا أنفسكم بالدين ) أن لا تستدينوا فتخيفوا أنفسكم بتبعات الدين وأثاره وقد يلجأ المستدين الى الكذب وإخلاف الوعد والتهرب من مواجهة غريمه أو التحايل والمخادعة لإثبات إعساره. Your browser does not support the video tag.