الكتابة في صحيفة الرياض لها حضورها الخاص لدى أي كاتب سعودي، فعندما تطل على القراء عبر منصة الرياض، فأنت تكتب عبر صحيفة واسعة الانتشار، تجمع بين أصالة الماضي وحداثة العصر، تتكئ على تاريخ الصحافة السعودية وأحدث الإمكانات الرقمية بدءاً من موقع إلكتروني مصمم باحترافية عالية، وانتهاءً بتطبيق مميز على أجهزة الهواتف الذكية، تكتب في صحيفة تحظى باهتمام صناع القرار والمتخصصين في كافة المجالات. بسبب هذه المعطيات، يواجه الكاتب رغبة داخلية في الوصول بما يكتب إلى درجة عالية من الإتقان قبل أن يرسله. حين قررت النشر عبر صحيفة الرياض، حضرت الرغبة في الوصول إلى الكمال فارهقتني، صرت أكتب الفقرة والفقرتين ثم أنظر لما كتبت بعين الناقد البصيرة، فأحكم عليها بأنها دون المستوى المأمول. أُجري بعض التعديلات على الصياغة، وترابط الجمل ثم يبدأ الشك يساورني حول وضوح المضمون، فأعود للمربع الأول، وقد أزهد في جميع الفقرات وأقرر التخلص منها. راجعت مقالاتي القديمة، فوجدت أنني سبق أن واجهت هذه الحالة في كتابة أحد الأبحاث المتخصصة في الهندسة الكهربائية، وكتبت لنفسي لائماً أن طلب الكمال من أسباب تعطل الإنجازات وتأخيرها، بل ربما يكون سبباً للفشل. الحياة لا يوجد فيها شيء كامل كمالاً مطلقاً، وكذلك عمل الإنسان يعتريه النقص ويقبل النقد، مهما اجتهد صاحبه في إتقانه وتحسينه، سيبقى هناك ثغرات وعيوب بحاجة للمعالجة. لذلك فمتى اجتهدنا في عملنا وأعطينا أقصى ما نستطيعه فلا يجب أن تتكدر خواطرنا على بقية النواقص، أو تشغلنا هذه الملاحظات عن إنجاز مشروعنا والاستفادة منه، ولو لم نصل به إلى درجة الكمال التي نرجوها. بالتأكيد، هذا القول لا يعطينا الحق في الزهد في إتقان العمل حسب الاستطاعة وبقدر الإمكانات المتوفرة. لا خلاف على أن التخطيط الاستراتيجي هو إحدى أدوات النجاح والعمل المنظم، وعن طريقه نقترب من الكمال الذي ننشده. الكتابة ليست استثناءً فهي أيضاً تحتاج استراتيجية، ومقالاتنا الأسبوعية ستكون وفق استراتيجية تتكون من ثلاثة محاور رئيسة هي: عمق التحليل، الوضوح، والبساطة. هذا هو المقال الأول وسيتبعه مقالات أخرى -بإذن الله-، أعدكم بأنني سأبذل جهدي في إيضاح الأفكار والتحليلات التي أتشاركها معكم بأبسط أسلوب وأفصح عبارة. طابت لكم الحياة. Your browser does not support the video tag.