من أساليب الإيضاح المتعارف عليها (المقارنة) والتي تكون بين شيئين، تُستخدم في التعليم لتمييز الشيئين والتفريق بينهما ومعرفة مميزات كل منهما، تُرسّخ المعلومة وتجلي عن الذهن غموضها.. لكن المقارنة تصبح بشعة سيئة حين تستخدم في التربية أو النصيحة والوعظ. ومن ذلك حين ينصح الأب ابنه ويقارنه بقريبه، ذاك الذي يماثله سناً ويختلف عنه علماً أو سلوكاً فيمتلىء صدر ابنه غيظاً على ذاك الغائب المُقارن به ويعصف الإحباط بنفسه، فبئس المقارنة. ومن وجهة نظر شخصية أسوأ هذه المقارنات تلك التي تعج بها مقاطع الوعظ في بر الأم ووصل الإخوة والأخوات، يلجأ الناصح إلى مقارنة مكانة الأم بمكانة الزوجة. ويشدد (إياك أن تشغلك زوجتك ويلهيك أبناؤك عن بر أمك، فالزوجة ستجد بدلاً عنها زوجة والأبناء ستجد عنهم عوضاً أبناء ولكن الأم ليس بدلاً عنها أم) يقول الجملة الأخيرة ببكاء ونحيب!! حقيقة لا أعلم سر المقارنة العجيبة؟ وكأنما هناك عداء أزلي بين الأم والزوجة؟ وكأن الرجل لن يستطيع إلا إرضاء إحداهما! وعليه أن يختار! وتشعرك كلمة (بدالهما زوجة وأولاد) إن الرجل يستطيع ببساطة التخلي أو تغيير زوجته وأبنائه وكأنه يشتريهم من متجر ما في منهج الإسلام وروحه أن أحق الناس بحسن الصحابة هي الأم، وفيه أيضاً خيركم خيركم لأهله، وفيه (وعاشروهن بالمعروف). أيضاً وبنفس الأسلوب المستهجن في المقارنة إحداهن تنصح بوصل الإخوة والأخوات ثم دمرت كل نصيحتها بأن رددت عبارة لها نفس المعنى (زوجتك لا تعادل ولا توازي أخوك أو أختك، هي بنت ناس وأختك بنت أمك وأبيك، زوجتك بينك وبينها مجرد ورقة؛ لكن أخوك وأختك بينكم دم وعلاقة لا تنتهي ولا تنقطع) سؤال يتبادر لذهن كل عاقل. أليس الزواج ميثاق غليظ؟ أليس ما بين الأزواج مودة ورحمة؟ أليس الزواج هو مؤسسة الأسرة التي تنتج الإخوة والأخوات؟ ألن تتضح قيمة الأخ والأخت إلا بانتقاص قدر الزوجة والأبناء؟ لماذا لا يكون النصح بأن (يجب على المرء أن يكون عادلاً مع الجميع.. مهتماً بكل من له حق عليه، فلا يظلم منهم أحداً ولا ينتقص من قدرهم ولا يغمطهم حقوقهم ولا يحقرهم ويصلهم ويبرهم ويحسن إليهم جميعاً. وأن الإنسان المتزن لا يُمكّن أحداً من التأثير عليه سلباً في علاقته بأي من أهله أو قرابته أو الناس جميعاً. صدقوني القلوب الكبيرة تتسع للجميع، والنفوس المؤمنة لا تظلم أحداً، ابتعدوا عن المقارنات التي توهن العلاقات وتضعف عراها، تفكروا في تأثير كلماتكم على من يتلقاها. وأحسنوا .. فالله يحب المحسنين. Your browser does not support the video tag.