منذ أن أُطلقت رؤية 2030، وأُعلنت برامجها المتعددة، وأهدافها الطموحة، ونحن نعيش حراكاً مختلفاً عما ألفناه في السنوات الماضية. كان من الواضح أن الدولة، ومن خلال رؤية 2030، تسعى إلى إيجاد قطاع خاص مغاير للقطاع الخاص الذي عهدناه في السنوات الماضية، حيث التركيز على مجالي التجارة والإنشاءات، والاعتماد على مشروعات الدولة وإنفاقها. تسعى رؤية 2030 إلى أن يكون القطاع الخاص السعودي قادراً على الإسهام في تحقيق تطلعات الرؤية ومساهماً في وضع أهدافها موضع التنفيذ، بأن يكون ذلك القطاع أكثر إنتاجاً، وأقل اعتماداً على الحكومة ومشروعاتها. يبدو أيضاً أن القائمين على تلك الرؤية يساورهم الشك في قدرة قطاعنا الخاص على الاستجابة لذلك الحراك والتفاعل معه، وقدرته على التكيف وإعادة بناء نفسه، كي يكون على قدر المسؤولية التي ألقتها رؤية 2030 على عاتقه. لكل ذلك خطت الحكومة، ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة، خطوات متقدمة وجريئة في مجال الاستثمارات، واقتحمت مجالات عدة لن يكون بوسع القطاع الخاص دخولها، إما بسبب ضخامة الاستثمارات فيها، أو بسبب وجود المخاطرة العالية التي تحتاجها، وهما أمران قد لا يتوفران للقطاع الخاص، وبالذات الأخير منهما. جاءت زيارات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأخيرة لكل من بريطانيا وأميركا وفرنسا وإسبانيا، وتوقيعه للعديد من الشراكات المهمة وفي العديد من المجالات تأكيداً لذلك. يتضح من تلك الاتفاقيات الاستثمارية التي وقعها سموه أن الحكومة تسعى إلى خلق قطاع خاص مختلف، وبمواصفات ليست هي مواصفات القطاع الخاص الحالي، وذلك كي يتمكن القطاع من القيام بمسؤوليته والإسهام في تحقيق تطلعات الرؤية وبرامجها المختلفة. إن الأمر يتطلب من القطاع الخاص، والقائمين عليه قراءة أبعاد هذه الزيارة، ودلالة الاتفاقيات التي تم توقيعها، وطبيعة الاستثمارات التي ينشدها سمو ولي العهد، والشركات التي استهدفها. إن الاستثمارات المستهدفة، والشركات المقصودة تعطي مؤشراً على السعي لخلق قطاع خاص يحمل ما يتصف به نظيره في الدول الأخرى من سمات، حيث قدرته على الإنتاج، وخلق الوظائف، ودوره في الإبداع والابتكار والقدرة على التصدير، وبالتالي القيام بدوره التنموي والوقوف مع الحكومة في تحقيق خططها وتطلعاتها. Your browser does not support the video tag.