إذا نظرنا للإحصاء السكاني الأخير، نجد نسبة المقيمين قاربت 40 %، وقد كانت 10 % مع بداية الطفرة النفطية في السبعينات، ثم أصبحت 27 % بالتسعينات، ثم تجاوزت 30 % بسنة 2010م. والحقيقة أننا لا ندرك ما فائدة المقيمين المضافة؟ وهل أدت برامج السعودة دورها؟ وهل هناك أدوات لقياس السوق ونموه لتحديد الاحتياجات ومكامن الخلل؟ وهل يتم متابعة نمو المقيمين ومجالات عملهم؟ وهل هناك خطط وبرامج لإحلال المواطنين؟ وهل يُنظر لتمركز بعض الجنسيات في أسواق معينة؟ وهل زيادة المقيمين مطلب مفيد؟ منذ الطفرة النفطية بالسبعينات كان جل العمالة بنظام الاستقطاب (العمالة الكفء وفقاً للحاجة)، مثل: العمالة الكورية، والتايلندية. فشهدت كل المجالات حالة من النمو والازدهار، وكان انخراط المقيمين يضيف قيمة للوطن، ولا يستنزفه. وفي الثمانينات بدأ الاستقدام وليس الاستقطاب (العمالة غير الكفء بلا قيمة مضافة) لعدد من الجنسيات ومن الأقل مهارة في بلدانهم؛ ومن ثم بدأت الظواهر والآثار السلبية تظهر بشكل متدرج ومتراكم بكل الاتجاهات. نأتي للتشخيص: تتوزع مجالات المقيمين على ثلاثة مستويات: الأول مستوى الوظائف العليا، والثاني مستوى الوظائف المتوسطة، والثالث مستوى الوظائف الدنيا. وأغلب برامج السعودة تنصب على المستوى الثالث الذي يجب معالجته بالاستقطاب وفقاً لمعايير معينة، ووفقاً للاحتياج المبني على مقاييس لتحديد القيمة التي سوف يضيفها مقابل أجره؛ فالوطن بحاجة لعمالة مؤهلة تكون قيمة مضافة، وليست العمالة الحالية التي تفتقر الكفاءة والخبرة؛ فنخسر بسببها المال والفائدة. أما المستوى الثاني فتكثر فيه نسبة البطالة لعدد من الأسباب، منها: عدم وجود تصنيف لدى وزارة العمل لكافة الوظائف، وضرورة ربطها مع كافة الجهات الموظِفة عبر أدوات قياس متعددة، منها: سعودة الرواتب، تحديد المدة الزمنية للحاجة للمقيم، وكذلك قاعدة بيانات للعاملين والعاطلين، والربط بين سوق العمل والتخصصات الجامعية، وكذلك العناية بالتعليم المتوسط (الدبلوم) الذي يعتبر ذا أهمية في السوق. وأما المستوى الأول الذي لابد أن يملأه المواطنون كما فعلت أرامكو منذ الثمانينات إلى يومنا هذا، وكذلك فعلت مؤسسة النقد بقطاع البنوك في نهاية التسعينات. فهذا المستوى بدرجاته هو من يدير المستوى الثاني؛ لذا لابد من ضابط رقابي مستمر ليتم سعودته بالكامل من أهل الكفاءة، والذي سوف ينتج عنه سعودة المستوى الثاني وتحديد مدى الحاجة للأجنبي. ويكمن الخلل في المستوى الأول في أن أجر المقيم لا يقتصر على الراتب، بل يشمل: المكافآت السنوية، والبدلات، ونسب التملك، وما يقدمه المقيم بالمستوى الأول أقل بكثير مما يأخذه. قد يقول صاحب رأي: الوطن بحاجه للخبرات في بعض المجالات، فجوابنا نعم. لكن الحقيقة أننا بحاجة إلى الخبرات التي تنمي الوطن، والتي تضع بصمتها؛ فتضيف القيمة، ويكون ذلك عبر تحديد الاحتياج، ومدته الزمنية، ودرجة كفاءته، مع تأهيل المواطنين للإحلال. والخلاصة أنه لابد من سعودة الرواتب إذا تجاوزت مبلغ معين، وهذا لا يتم إلا بفتح بوابة لدى وزارة العمل تُطرح بها الوظائف، وبوابة أخرى مرتبطة بالبنوك؛ ليتم مطابقة الوظائف المسعودة، وكذلك وضع دليل لتصنيف الخبراء ومدى الحاجة لهم ومهامهم ونتائجهم. ومن خلال هذا التصور الشامل سوف نصل لنتائج أفضل للسعودة، وتظهر لنا فائدة المقيم، وتستمر تنمية الوطن. Your browser does not support the video tag.