يسعى الكثير من رجال الأعمال وكذلك نظراؤهم من أصحاب الشركات والمؤسسات الأهلية كما يدلل عليه الحال المتهالك الذي يعايشه الموظف والعامل الوطني داخل بيئة تلك المؤسسات إلى تجاهل وإحباط كافة السبل الداعية إلى إيجاد نسبة مقنعة من الوظائف الوطنية داخل هذه المؤسسات بنسبة لاتقل عن 5% سنويا على الأقل. فالشباب الباحث عن فرصة العمل تحت مظلة هذه المؤسسات يرى في شروط دخولها والعمل بها بوادر تعجيزية لامبرر لها كالمطالبة بالخبرة الطويلة وإيجاد اللغة الأجنبية وتدني الرواتب وضعف الحوافز والفصل دون مبررات كافية وصعوبة العمل.. أما من جانب رجال الأعمال فهم يطالبون بضرورة أن يكون الموظف أو العامل السعودي كفوءا لا يترك العمل دون موافقة صاحب العمل والالتزام بضوابط العمل بصورة اكثر فعالية والقبول برواتب لاتقل من حيث التماثل عن رواتب الخادمات. وتظل النظرة القاصرة هي السائدة في الكثير من المواقف لاسيما إذا تعلق الأمر بضرورة تفعيل مشروع السعودة حيث مازال بعض من رجال الأعمال واصحاب المؤسسات يبدون تذمرهم برغبة ملحة في تحجيم الكثير من الوظائف الفنية والإدارية التي تشغلها عمالة أجنبية بنسبة تصل إلى نحو 80% واحلال الشباب السعودي الكفء بدلا منها. في حين أن قرار السعودة ليس كما يفهمه البعض بأنه أمر إلزامي يحتم على المؤسسات أو الشركات قبول كل شاب سعودي دون مراعاة مؤهلاته العملية أو العلمية بل ان ما تطالب به هو إحلال الشباب السعودي الكفء المؤهل علميا وعمليا بدلا من الموظف الأجنبي. ولكن كيف السبيل للوصول إلى الوظيفة المطلوبة إذا كان مدير التوظيف غير سعودي؟.. من المؤكد ستكون العملية صعبة وربما تكون مستحيلة حيث تجد الأجنبي هو الذي يعين وهو الذي يفصل... فهو مدير لشئون الموظفين.. والسؤال الأهم كيف يسمح للأجنبي أن يكون مديرا لشئون الموظفين لاسيما أن هذا المنصب كبير وهام بتولي تطبيق قرار السعودة؟ وتظل الدعوة إلى السعودة أمرا ملحا لابد من تنفيذه لان الأمر سيزداد وضوحا إذا طبقت السعودة وسيحظى شبابنا بالعمل لكن على الرغم من وضوح القرار وبالرغم من الإجراءات الرقابية التي تقوم بذلك إلا أن هناك العديد من التجاوزات أو ما يمكن أن يطلق عليه التحايل على النظام حيث تنبعث رائحة قوية آتية من الجهات الأربع تؤكد وجود ممارسات خاطئة تدور داخل أروقة بعض المؤسسات الأهلية مفادها أن بعض المؤسسات المعنية باستقطاب الشباب السعودي تقوم على تمويه الجهات المعنية برقابة تطبيق مشروع السعودة بالنسب المنصوص عليها في وزارة العمل بتسجيل بعض الأسماء الموثقة دون أن يكون لهذه الأسماء وجود فعلي على رأس العمل حيث يعتبر هذا التصرف غير المسئول اختراقا سافرا لمفهوم السعودة. وفي إطار ارتفاع أعداد العمالة الأجنبية وظهور العديد من الأصوات التي تلقي اللوم على القطاع الخاص لتخليه عن مسئوليته تجاه تشغيل الشباب السعودي اتبع مسئولو القطاع الخاص وبعض المهتمين بهذا الأمر أسلوبين لإزاحة المسئولية عن عاتقهم.. الأسلوب الأول هو اتهام الشباب السعودي بعدم الجدية وضعف الأداء في الأعمال التي تناط بهم والثاني لوم الجامعات بحجة أنها تخرج طلابا بتخصصات غير مطلوبة في سوق العمل.. وربما تراجع هؤلاء عن الأسلوب الأول نظرا لنجاح الشباب السعودي في الكثير من المؤسسات والشركات التي توفر لهم بيئة ملائمة للعمل مثل الخطوط السعودية والبنوك وغيرها من المؤسسات والشركات. ولاشك في أن ارتفاع معدلات العمالة الأجنبية تنتج عنه أبعاد سلبية مزعجة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو على مستوى الوطن بشكل عام حيث أن ارتفاعها بالقطاع الخاص بمعدلات تفوق الوصف تعني استمرار نزيف التحويلات للخارج في حين توجد اعداد كبيرة من الشباب السعودي المؤهل علميا وعمليا تبحث عن وظائف مازالت يشغلها أجانب لا تتطلب مهارات عملية فائقة! المحرر الاقتصادي