ذوو الاحتياجات الخاصة، هذه الفئة التي بيننا سواء في المنزل أو الشارع تحتاج منّا جميعاً إلى دعم ومساندة، خاصةً من الناحية النفسية، حتى نستطيع إخراجها من فكرة أنها عالة على المجتمع إلى أن نحولها كعناصر منتجة، وهناك شواهد كثيرة أثبتت أنها عضو فعّال، إلاّ أن الأمر يحتاج إلى أن ننمي بيننا ثقافة التعامل معهم، عن طريق توعية أفراد المجتمع المحلي بحقوقهم، وتمكينهم وأسرهم من خلال البرامج المختلفة، وإعطاء الفرص لهم للاندماج في مختلف أنشطة وفعاليات المجتمع. لم تعد مجدية وقالت أمال حسن عماشة - أم لتوحدي -: إن الطرق التقليدية من محاضرات وندوات ومنشورات وتوعية وخلافه لم تعد مجدية في الوضع المتسارع لوسائل التقنية الحديثة، حيث يجب أن تتعاون الجهات ذات المكانة مثل هيئة الترفيه ووزارة التعليم مثلاً لاستحداث برامج عملية لإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة في برامج دمج حقيقي تحت رعاية المسؤولية الاجتماعية، مثلاً برنامج للتفاعل الاجتماعي داخل المدارس للأنشطة اللامنهجية بمشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة مع إعطاء التوعية غير المباشرة، مضيفةً أن هذه الطريقة ستغني عن المحاضرات والندوات، مبينةً أنه من المهم إشراك ذوي الاحتياجات الخاصة في الأنشطة البيئية خاصةً اضطراب التوحد والداون، حيث إنهم يملكون قدرات عالية في مثل هذه الأنشطة، مؤكدةً على أن مشاركتهم ستسهم في تعرف الكثير على الوضع الحقيقي لهم، مشيرةً إلى أن التوعية النظرية لم تعد تواكب العصر، ناصحةً بالاستعانة بالشخصيات الاعتبارية أو ذات القبول والشهرة الاجتماعية لتقديم هذه البرامج، ولجذب الانتباه واستقطاب الرعاة لتنفيذها. معاملة خاصة وأوضح د. عبدالله المغلوث - عضو الجمعية السعودية للاقتصاد - أن ذوي الاحتياجات الخاصة شريحة من شرائح المجتمع حرموا من إحدى النِّعم الإلهية مثل الحركة الجسدية، أو مشكلات في السمع والنطق والكلام، أو مشكلات عقلية أو أمراض نفسية مزمنة كالتوحد، لذلك احتاجوا إلى معاملة خاصة من ناحية الرعاية الصحية والنفسية، مضيفاً أنه عند المواجهة مع شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يجب ضبط المشاعر مهما كان الموقف وإخفاء مشاعر الشفقة والحُزن أو مشاعر الرهبة والخوف والاستهجان، مبيناً أن ذوي الاحتياجات الخاصة عادةً ما يكونون متأقلمين مع وضعهم، ولا يحبون مساعدة أحد لهم، خاصةً إذا صاحبها نظرات حزن وشفقة، لذلك لابد من إخفاء هذه النظرات وسؤالهم عن كيفية مساعدتهم إن رغبوا في ذلك، كذلك يجب تجنب الحديث معهم عن كيفية حدوث الإعاقة لديهم وأسبابها، بل يجب أن يكون الحديث معهم متسماً بالإيجابية والأمل في المستقبل وبوجه بشوش وبسمة مرسومة على محياك، والدعاء لهم بالشفاء العاجل القريب دون الإكثار، حتى لا يشعر بمزيد من الضعف فيزداد ألمهم وحزنهم، ناصحاً من يتعامل معهم بأن يتحلى بالصبر عند التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة فهم بحاجة إلى الحلم في التعامل، وإياك والصراخ والضرب أو الشتم والسب، فلا تظهر قدرتك على ضعيف، الجلوس إلى جوار المقعد والتربيت على كتف الكفيف ورفع الصَّوت ليسمع الأصم والمسح على رأس من لا يعي شيئاً، كل تلك الأمور من رِفعة الأخلاق، لافتاً إلى أنه لابد أن تتحدث مع من يعاني من إعاقة ما باهتمامٍ وتوجيه، وجعل جانب من الحديث له وبدئه بالسؤال عن حاله وصحته، واستشارته في بعض المسائل والاستماع إلى رأيه دون سخرية أو ازدراء. رعاية أسرية وتحدث إبراهيم محمد الخولي - المدير التنفيذي للجمعية السعودية للتربية الخاصة بالمنطقة الجنوبية - قائلاً: إن الأسرة هي أولى المؤسسات الاجتماعية التي تستقبل الطفل من ذوي الإعاقة، ويجب أن توفر له الرعاية الأسرية السليمة، وهذا يتحقق بعدة أمور منها مساعدة وتدريب الأسرة على فهم وتقبل حالة الإعاقة، وتدريب الأسرة على أساليب رعاية الطفل، والعمل على تعديل اتجاهات الأسرة تجاه طفلها المعوق، مضيفاً أن الأسرة التي تعلم قيمة الطفل وتقدره كإنسان هي تلك التي تعي جيداً دورها ورسالتها، وتلك الأسرة تكون أول عوامل الإبداع للفرد المعوق في المستقبل، فهو يخرج منها ويشعر بقيمته وحريته، والحرية هي أساس الإبداع فتجعله يختلط بالمجتمع المحيط به، ويتعلم بنفسه خبرات الحياة وتطوير مواهبه؛ لأن المواهب لن تنمو إلاّ بالمشاركة في الحياة. وعن كيفية زيادة خبرات وتجارب الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع أوضح أنه لابد من توعية أفراد المجتمع المحلي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديم الاستشارات الخاصة بالإعاقة لمؤسسات وأفراد المجتمع، والمساهمة في الدراسات والبحوث المتعلقة بالإعاقة، وتمكين المرأة ذات الإعاقة في المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية، الثقافية وغيرها، إضافةً إلى تمكين الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم من خلال البرامج المختلفة، وإعطاء الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة للاندماج في مختلف أنشطة وفعاليات المجتمع وتسهيل مهمتهم في أن يكونوا أعضاء فاعلين ويضمن لهم حق العمل باستقلالية وحرية، كذلك التنقل والتمتع بكل ما هو متاح في المجتمع من خدمات. فن وسياسة وقالت د. سحر رجب - مستشار نفسي وأسري ومدرب ومستشار دولي معتمد من الاتحاد لتطوير مسارات الطاقة وإزالة المشاعر السلبية -: نحتاج أن ننمي ثقافة التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة لرفع معنوياتهم ومساعدتهم على التفوق في حياتهم الاجتماعية والعملية، مضيفةً أن الإعاقة عقل وليست جسداً هذا من منظوري، فلماذا نحرمهم متعة الحياة معنا وبجوارنا، لا يوجد ما يمنعهم من مساندتنا، ولكن مع احترامي لوضعهم الخاص الأصوات العالية والمتكررة تربكهم وتزعجهم وتجعلهم في حالة فوضى، وكثيرة هذه الحركة نجدها في المطارات، والإجراءات التابعة لهم، مبينةً أن تعاملهم يحتاج إلى فن وسياسة حتى يعتادوا على التعامل مع الآخرين بلين وسهولة، ومن أفضل المشاهدات وجدتها حين تم دمجهم بالأسوياء في العمل، وهذا بفضل الله والحكمة في دمجهم كونهم سنداً لنا، حتى إن بعض الفعاليات قامت بعمل مسارات خاصة بهم وتوجيههم إلى الأماكن التي يحتاجونها بيسر وسهولة، حتى المرافق تجدها مجهزة لهم بفضل الله ثم توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان - حفظهما الله -، مشيرةً إلى أنه في السابق كانت الأسر تخجل أن يعلم أحد أن لديها معوقاً، الآن وبفضل الله أصبح كل أمر ميسراً ولا يدعو للخجل، على العكس أصبحوا منافسين جديرين بهذه الثقة، أصبحوا يشاركون المجتمع في أكثر مهامه، بل ظهرت إبداعاتهم. بشكل طبيعي وأكدت عاتكة ملا - ناشطة إعلامية في التوعية بالتوحد - على أن جميعنا يعلم أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم أناس قدر الله لهم أنهم لا يستطيعون استغلال مهاراتهم الجسدية بشكل فعّال، لذا فهم بحاجة لمعاونتهم ومساعدتهم دون إظهار نظرة الشفقة والاحتقار، وليس هناك داعٍ لمعاملتهم معاملة خاصة قد تؤذي مشاعرهم، بل يجب التعامل معهم بشكل طبيعي خاصةً في حالات الإعاقة غير الظاهرة كالسمع والرؤية والكلام، مضيفةً أنه لا تختلف المعاملة سواء داخل الأسرة أو المجتمع فكلاهما عليهم التعامل معهم على أساس الحب، ويجب عدم عزلهم عن المجتمع بحجة حمايتهم من العالم الخارجي وحتى لا يضايقوا أو يقتحموا عالمهم بالنسبة للمجتمع، كذلك يجب حثهم على الاستقلال بكيانهم ومكانتهم في المجتمع، وأنهم جزء لا يتجزأ منه، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي بشكل إيجابي حتى يكونوا منتجين وفعّالين في مجتمعهم ليتم تعزيز الثقة في أنفسهم، إضافةً إلى أنه يجب توفير أساليب الوصول الشامل في البيئة التي يستخدمونها كالبيت والمدارس والجامعات والمستشفيات والمجمعات التجارية، وتوفير الألعاب والحدائق والنوادي لتكون متنفساً لهم يمارسون فيها حقهم بالرياضة في الهواء الطلق. طفل التوحد يحتاج إلى المشاركة في الأنشطة والفعاليات د. عبدالله المغلوث د. سحر رجب إبراهيم الخولي عاتكة ملا Your browser does not support the video tag.