الدماغ عضو معقد التركيب يحتوي على شبكة من الخلايا العصبية ومسار منظم من النبضات الكهربائية الصغيرة، وأي اختلال بهذا النظام يؤدي إلى حدوث نوبات عصبية، يتم تشخيص هذا المرض بعد حدوث نوبتين على الأقل بدون أسباب معروفة. والصرع هو حالة عصبية عبارة عن اضطراب مؤقت في النشاط الكهربائي الطبيعي للمخ، يؤدي إلى تغيير مفاجىء في السلوك ويتأثر به الأشخاص من جميع الأعمار، ويعاني نحو 60 مليون شخص حول العالم من الصرع، وهو منتشر بين الرجال أكثر منه في النساء وقد عرف منذ القدم فهو داء العظماء. وما زال مرض الصرع واحدا من الأمراض التي تحير الأطباء في العالم حتى هذه اللحظة، رغم أنه مرض قديم إلا أن 70٪ من حالات الإصابة لا يعرف الأطباء سببا لهذه الزيادة في النشاط الكهربائي عن معدله الطبيعي في مخ الشخص المصاب وهذا الأمر يزيد من صعوبة العلاج في بعض الحالات، وقد تكون الإصابة بالصرع نتيجة لأحد أمراض الدماغ مثل الأورام أوالسكتة الدماغية بما في ذلك النزيف أو الإصابة بالرأس وغيره، وتتفاوت حدة التشنجات من مريض لآخر، بعض المرضى تتكرر لديهم النوبات عدة مرات باليوم الواحد، بينما البعض الآخر قد تحدث له النوبات بشكل أسبوعي أو شهري، أو مرة واحدة في السنة، كما أن أنواع الصرع تختلف بين المرضى، فالبعض يصاب بالحالات البسيطة مثل تنميل الوجه أواليدين وقد يكون شديدا يؤدي إلى فقدان الوعي . كذلك المدة الزمنية للنوبة الصرعية تختلف من شخص لآخر، قد تستمر النوبة لعدة ثوانٍ أودقائق والغالبية العظمى من الاختلاجات أو التشنجات تتوقف من تلقاء نفسها وتشكل خطرا في حالات قليلة إذا استمرت أكثر من خمس دقائق. يعتبر الصرع أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعًا على مستوى العالم، وهو مرض مزمن وقد يتعرض بعض المرضى المصابين بالصرع لنوبات صرعية مستمرة (status epilepticus)، وهي حالة من النوبات التشنجية التي تستمر لأكثر من خمس دقائق أو تكرار النوبات الصرعية من غير الرجوع إلى الحالة الطبيعية المسبقة بين النوبات المتكررة، وهي حالة خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة أو تلف الدماغ ويحتاج المريض إلى تدخل علاجي سريع. إن أهمية التعرف على هذه الحالة تكمن في وجود خطر من تعرّض الخلايا العصبية في الدماغ للضرر مع استمرارية هذا النشاط الصرعي، وعلاوة على ذلك فقد يتعدّى الضرر الدماغ فيصيب الأعضاء الأخرى (مثال: هبوط ضغط الدم، قلة تدفق الدم إلى الأعضاء، اضطراب نبضات القلب، انحلال الخلايا العضلية، الفشل الكلوي الحاد، الخ)، وكلما زادت مدة النوبة الصرعية المستمرة زادت قابلية التعرض لهذه المخاطر وقلت إمكانية إيقافه بالعلاجات الدوائية، مما يستدعي الرعاية القصوى في وحدة العناية المركزة. جميع أنواع الصرع قد تؤدي إلى النوبات الصرعية المستمرة ولكن نسبة حدوثها مع الصرع العام أعلى ، وفي بعض الحالات تحدث النوبة الصرعية المستمرة مع النوبة الأولى للصرع أو عند توقف المريض عن تناول الدواء، ارتفاع درجة الحرارة ، انخفاض السكر بالدم أو وجود خلل بكيماويات الدم أو نتيجة أحد الأمراض المناعية التي تصيب الجهاز العصبي أو الالتهابات العصبية . والجدير بالذكر أن هذه الحالة الصرعية قد تؤدي إلى الوفاة لا قدر الله أو إلى مضاعفات دائمة، لذلك من المهم معرفة الأسباب وعلاجها بشكل عاجل، إن التصرف الملائم لمساعدة الشخص وقت النوبة وبالتحديد النوبة الصرعية الكبرى حيث يكون المريض فاقدا لوعيه وتستمر النوبة لبضع دقائق، ولكن الحالات التي يجب استدعاء الطبيب أو سيارة الاسعاف هي : إذا استمرت النوبة أكثر من خمس دقائق، إن لم يتحسن المريض بسرعة بعد انتهاء النوبة، إن كان المريض يعاني من صعوبات تنفسية، إذا تكررت النوبات دون استعادة للوعي ما بينها، فتكرار النوبات تحدث ضررا بالمخ حسب دراسات علمية مكثفة وكلما زادت مدة النوبة، زادت احتمالية حدوث هذا الضرر الذي قد يؤدي إلى تغييرات في وظائف المخ، وهنا يحتم علينا دعم المريض من خلال تشجيعه على المتابعة مع الطبيب المختص والالتزام بالعلاج الدوائي، أيضا دعمه نفسيا وتشجيعه على الانخراط الإيجابي في المجتمع وممارسة حياته بشكل طبيعي، ومزاولة مهام حياته بشكل يتناسب مع حالته المرضية، والتعايش مع المرض كغيره من الأمراض المزمنة، وذلك بشكل يتيح للشخص أن يعيش حياة منتجة طبيعية ليس فيها ما يدعو إلى الإحراج والقلق. ويحتفل العالم سنويا باليوم العالمي لمرضى الصرع ، وتهدف التوعية إلى رفع الخجل والقلق والخوف من مرضى الصرع، إضافة إلى إقامة المحاضرات التعليمية التوعوية وتوزيع الهدايا والنشرات التوعوية وفعاليات أخرى، ولأول مرة عالميا نحتفل بنشر الوعي في يوم 25 مارس عن " النوبة الصرعية المستمرة " وذلك لأهمية وخطورة هذا الموضوع الذي يجهله الكثيرون. * برنامج الصرع الشامل Your browser does not support the video tag.