بعد أسبوع من الآن تستقبل صالات السينما العالمية الفيلم الجديد للمخرج ستيفن سبيلبرغ في أول إطلالة سينمائية بعد خسارته الكبيرة في حفل الأوسكار الأخير حين خرج فيلمه The Post خالي الوفاض من أهم مهرجانات العام. ويحمل الفيلم الجديد عنوان Ready Player One واعتمد فيه سبيلبرغ على رواية ناجحة تحمل نفس الاسم وتحكي مغامرة مثيرة تدور أحداثها في إطار لعبة إلكترونية افتراضية يكون على بطلها أن يخرج من مأزق كبير لإنقاذ حياته بعد وفاة مبتكر اللعبة. وهذا يعبر بشكل ما عن سبيلبرغ ذاته الذي يسعى لإنقاذ نفسه عبر التعلق برواية تنتمي بامتياز للعصر الحالي. لم يعتد سبيلبرغ على الغياب طويلاً عن التأثير الشعبي. أفلامه الناجحة منذ فيلم «الفك المفترس» ساهمت في تغيير قواعد اللعبة في هوليود ومنحت مصطلح «بلوك-بستر» معنى محدداً يشمل الأفلام التي تكتسح شباك التذاكر وفي نفس الوقت تسجل حضور شعبياً طاغياً يجعلها تؤثّر ثقافياً ليس في أميركا فقط بل العالم أجمع. وقد تمكن خلال السبعينات والثمانينات والتسعينات من صنع أفلامٍ حققت هذا النوع من التأثير مثل سلسلة «إنديانا جونز» وسلسلة «الحديقة الجوراسية» و»قائمة شندلر» و»إنقاذ الجندي رايان» مروراً بالطبع ب»لقاءات من النوع الثالث» و»E.T. the Extra-Terrestrial» و»الفك المفترس». وهي أفلام كانت -إلى جانب نجاحاتها التجارية- مؤثرة اجتماعياً إلى حد التغيير في الثقافة الشعبية نفسها ونقلها من مستوى إلى مستوى آخر. هذا التأثير افتقده سبيلبرغ منذ آخر أفلامه الكبيرة «تقرير الأقلية-Minority Report» مع توم كرزو عام 2002، وبقي لأكثر من 15 عاماً يتأرجح بين أفلام ذات موضوعات سياسية وأخرى فانتازية وعائلية دون أن يصل إلى مستوى النجاح الطاغي الذي اعتاد عليه، ومهما بلغت إثارة موضوعاته فإن أفلامه الحديثة تفتقد لذلك الشيء الذي يجعلها حدثاً شعبياً مؤثراً. إن لجوء سبيلبرغ لرواية ناجحة مثل Ready Player One يعني أنه وجد فيها ذلك الشيء، فالرواية التي كتبها الأميركي إرنست كلاين كانت من بين الروايات الأعلى مبيعاً في أميركا، وهي من جهة أخرى تدور في الإطار الفانتازي الذي يسجل نجاحات كبرى في شباك التذاكر الآن، كما أن الفكرة ذاتها تتعلق بشأن مستقبلي وبموضوع يحظى باهتمام متزايد من الجيل الجديد. ومثل هذه العناصر كانت سبباً في النجاحات القديمة لسبيلبرغ، فقد كان كل فيلم من أفلامه يحوي عنصراً جديداً ينقل صناعة السينما إلى مستوى أعلى من النجاح والتأثير. رغبة سبيلبرغ في إنهاء 15 عاماً من التذبذب تتضح أيضاً في الأفلام الجديدة التي سيقدمها في الفترة المقبلة، حيث يحمل كل فيلم سمة سبق أن قدمها في أفلامه القديمة الناجحة، ففي فيلم The Kidnapping of Edgardo Mortara الذي لم يحدد موعد إطلاقه بعد، يلجأ سبيلبرغ لمعاناة اليهود مستغلاً القضية التاريخية المثيرة للجدل والمتعلقة باليهودي إدغارد مورتارا الذي اختطفته الدولة البابوية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، ومعاناة كهذه قدم مثلها في فيلمه الشهير «قائمة شندلر» وبموسيقى مؤثرة ألفها جون ويليامز الذي سيلحن أيضاً الفيلم الجديد. كما سيقدم سبيلبرغ نسخة جديدة من الفيلم الكلاسيكي الناجح West Side Story وجزءاً جديداً من سلسلته الناجحة أيضاً «إنديانا جونز»، وهي في مجملها تحتوي على عناصر سبق أن جربها سبيلبرغ سابقاً ونجح فيها بجدارة. ستيفن سبيلبرغ Your browser does not support the video tag.