لم تكن المرأة في الجزيرة العربية مجرد إنسان عابر في حياة الرجل, بل كانت ذات مكانة ودور ملموس في حياة المجتمع شاركته جنباً إلى جنب وبكل شجاعة, جعلته يعتز ثم يعتز بها فخراً حتى يومنا هذا. فهذا المجتمع يثق بها ويوكل عليها قانوناً بحيث تنوب عن زوجها في غيابه, وفي الموروث لا يُعفى صاحب البيت الغائب من دوره في الضيافة عند حضور الضيوف, فتنوب زوجته عنه وتقوم مقامه حتى يعود, فهذه صلفة الرويلية زوجة متروك بن حزام الرويلي ذات سمعة واسعة في الكرم حتى أنها كانت تقوم بإطعام حيوانات الضيوف التي يركبونها, الذي يدل على ما تحمله من إنسانية عظيمة في نفسها. شاركت المرأة في الرأي والسلطة وبكل جرأة, وأصرت على رأيها حين اقتنعت بمدى ما يحمله من إصلاح قد يغفل عنه صاحب السلطة, فهذه شعاع زوجة الشيخ سليمان ابن رفادة, عندما رحل جماعة معترضين عليه رأيه الذي أصر عليه. فقامت بفك رواق بيت الشعر وطرحه أرضاً, والتي تقصد منها رسالة ضمنية, وعندما حضر الشيخ سليمان ابن رفادة سألها عن السبب؟ قالت له: رواق البيت يرد الريح, وربعك يردون عنك الخطر, وش يرد الريح عند هدم البيت في حال طاح الرواق هؤلاء هم ربعك وسندك .. فما كان من الشيخ سليمان إلا أن ذهب لهم واعتذر وأعادهم له. موضي البسام الملقبة (أم المساكين) هذه المرأة الفاضلة وريثة الأغنياء, شاركت مجتمع عنيزة ما مر به من فقر, ومرض, وموت, فكانت تربي أولادها من أموال زوجها, وتخصص للفقراء جزء من أموالها الخاصة التي ورثتها من والدها, ولها اليد الطولى في مساعدة المنهزمين في معركة الصريف حين أحاطهم الخطر, ولها الفضل بعدالله في المجاعة التي أصابت عنيزة, والمسماة (بسنة الرحمة) والتي مات فيها ناس كثيرون فكانت تواسي الثكالى, وتوزع الأكفان, وتعين الفقراء, وتسلم المال لمن يحفر القبور ويقوم بالدفن. يقول فيها محمد العبيدالله من قصيدة طويلة: يا الخيرة موضي البسام يا مفخرتنا بها الديره على عنيزة تراك وسام من طيب الأفعال والسيره الطيب لو قسموه أقسام حطوك بأول مشاويره لو راح لك كم عام وعام الطيب ما راح تذكيره وفي مقارنة بين مذكرات الليدي جاين ديغبي الأميرة الأوروبية التي فضلت الحياة ببادية الشام وتزوجت الشيخ مجول المصرب, وسالمة بنت سلطان التي تركت الجزيرة العربية مفضلة العيش في أوروبا وكانت في نفس الحقبة في القرن الثامن عشر الميلادي وبعد نهاية التجربتين كانت المفاجأة باتفاق المرأتين على أن المرأة في الجزيرة العربية تتمتع بالحرية وأن النظام الأسري المتبع في الجزيرة العربية, حفظ كرامتها من الامتهان الذي تجده المرأة الغربية وهو ما وضحته سالمة أو (أميلي روث) كما أسمت نفسها في مذكراتها, حين قامت بعمل مقارنة الحياة التي عاشتها بين ثقافتين نقيضتين لبعضهما, ثقافة غربية تضطهد المرأة وتستغلها, وثقافة عربية إسلامية في الجزيرة العربية تحافظ على المرأة وتخدمها, هذه المقارنة هي ما أدت بالليدي جين ديغبي بالهجرة من أوروبا للجزيرة العربية, والزواج من الشيخ مجول المصرب وعاشت مع قبيلته كبدوية تلبس نفس الثقافة, حيث عجز أقاربها من إقناعها للعودة لبلادها وترك بلاد العرب, لما وجدته كما ذكرت في مذكراتها (الليدي جين)من كرامة للمرأة في الجزيرة العربية ووضحت في رسائلها ما تعيشه وما تجده المرأة العربية من حياة كريمة وفي الغرب من ابتذال ومهانة وتفسخ المجتمع. حجت الشاعرة مرسا العطاوية وهي ابنة البادية التي تفرح بقدوم الضيف فسمعت بائع اللبن بمكة ينادي لبيعه فاستنكرت ذلك فقالت: يا اللي تنادي باللبن مالنا فيه عان اللبن في سد عبلة ملاوي خشم الينوفي والحور بارك فيه مرب خلفات عليها العطاوي ومبهل وابا الحيران كان أنت غاويه مرتاع بدو ما تلاهم شواوي ووادي الجرير إلى حدر من علاوي وخشم الذنيبة والجذيب متساوي ترى الدعيكة والحفاير حراويه مرباع خلفات ترب المطاوي تلقا مصلحة الدبش كلهم فيه بالرجع اللي يذبحن الهواوي Your browser does not support the video tag.