"نحن لا نريد أن نُضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال ال30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، والتي سببت التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن، نحن نريد -كما يريد الشعب السعودي- الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا، وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ديننا وتقاليدنا، نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979" مُنذُ أن حطت قدماه أرض الكنانة في مصر العروبة ترقبت أنظار العالم أجمع ما الذي سيحمله معه هذا الأمير النشط والسياسي الواعد في هذا العالم المُزدحم بالأحداث والصراعات والتطورات المتسارعة التي لا تمكنك من التقاط أنفاسك..! جاء الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، وسط استقبال حافل واهتمام إعلامي وشعبي كبير، لكنه لم يذهب إلى الفندق ومكان إقامته للراحة، رجل لا يعرف للراحة مكانا، ولا هي في قاموس حياته، بل "العمل" ثم العمل ثم العمل ثلاثة قوانين في حياة هذا الشاب الرؤيوي. زيارة الأوبرا رسالة للفكر المتشدد.. حقبة وانتهت ثلاثة أيام في مصر قضاها، أزعج الأعداء بتحركاته ولقاءاته مع كبار المسؤولين ومختلف التيارات ورؤساء الجامعات وكبار العلماء في الأزهر وزيارته للبابا والسويس وضخ مليارات الدولارات للاستثمار في مصر ومع مصر.. وهُنا أتوقف عند نقطة مُهمة جداً في هذه الزيارة "ألف كيلو متر ستكون من مصر لمشروع نيوم ". يا له من سياسي مُحنك، ذوو النظر السياسي القصير، غير المدركين لما خلف هذه الألف كيلو يرونها فقط مساحة من الأرض سيقام عليها مشروع استثماري اقتصادي ضخم فحسب، وهذه نظرة قاصرة، إذ لم يدركوا ولم يعوا ولم يتعلموا بعد ماهي مدرسة (سلمان بن عبدالعزيز ) والتي أخذها وورثها وتعلمها علما ومعرفة وطباعا من والده المغفور له الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وأورثها لابنه السياسي صاحب الرؤية (محمد) والذي يطبقها بحذافيرها بل يضع عليها رؤيته ومفاهيمه بما يراه مُناسب لعصرنا الحالي. "محمد بن سلمان" حين طلب الألف كيلو في منطقة سيناء - وهذه أحد أهم مكاسب الزيارة - وبتوافق مع مصر الشقيقة، فإن هذه المساحة ليست مُجرّد أرض لمشروع نيوم فقط بل لاستثمار العقول هُناك وردع الأعداء وحركات الإرهاب والدواعش، وكما نعلم هي منطقة لتفريخ الإرهاب والإرهابيين ومثلت مصدر إزعاج للسلطات المصرية سنوات عدة، وهناك في سيناء تحركات مريبة ومكائد تدبر للأخوة في مصر، هُنا كانت حكمة السياسي الاستراتيجي (محمد بن سلمان) واتفاقيته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السياسي العسكري العارف بخفايا الأمور الحربية والعسكرية فتمت الموافقة، فمنها استثمار وتوظيف وضخ رؤوس أموال وتشغيل للمنطقة وأبنائها وتوظيفهم ودمجهم في العمل والبناء والتنمية، ومنها تأمين المنطقة من آفة التهريب المستشرية، للمُخدرات أو العقول الفارغة أو الإرهاب والإرهابيين ومنها أن تكون مصر أغلقت ملفا أزعجها لسنوات وبهذه الخطوة المحنكة اصطاد السياسي محمد بن سلمان عصفورين بحجر استثمر الارض مع الأخوة في مصر واستثمر العقول وحولها من كارهة للحياة تسعى للخراب والدمار والقتل والسلب والنهب إلى عقول تسعى إلى الأمن والاستقرار والتعايش والكسب الحلال من هذه المشروعات التي ستنطلق قريباً، وبالتالي أصبح أبناء المنطقة يخافون من الدمار ويحافظون على السلم والأمان أكثر من غيرهم فهو قوتهم وقوت أبناءهم ومستقبل أسرهم وأولادهم. "محمد بن سلمان" يدرك معنى الخطوة التي يمشيها ويدرك ويعرف تماما أين يضع قدمه وأين تتجه الرياح، هنا يأتي دور السياسي القائد الذي يعرف من أين تؤكل الكتف الساعي إلى رفعة بلاده وشعبه، وقطعاً هو يعلم تماماً ومُطلع على تفاصيل الأمور وأن هُناك من يقف ضد قراراته وينتقده، ولنكن صادقين نعم هُناك من ينتقد الأمير ولكن لا يستطيعون إلا أن يقفوا احتراما له بعد ان يروا النجاحات تلو النجاحات هؤلاء هم أعداء النجاح والتنمية والقفز بالمجتمعات العربية والإسلامية نحو التقدم والازدهار، لا يريدون لأُمتنا ان تتطور وأن تمضي قٌدماً نحو الحرية والازدهار مع المحافظة على الثوابت والتقاليد والأعراف، مع التشديد على التعايش واحترام الشعوب ورغباتها في تحديد مصيرها، هُنا تكمن الحكمة والنظرة البعيدة لهذه الخطوات وتلك التحركات من قائد فذ ك.."محمد بن سلمان". البُعد الآخر لزيارة سمو ولي العهد لأرض الكنانة وقوفه وزيارته لدار الأُوبرا المصرية وحضور عرض مسرحي، لكم ان تتخيلوا كم لهذه الزيارة من معانٍ وأهداف ورسائل لا يعلمها ولا يفهمها إلا الغارقون في التحليل، المُدركون لما يقوم به هذا الأمير الشاب أنها ليست "مُجرّد" زيارة لدار الأوبرا ولا هي مُجرّد مشاهدة عروض مسرحية، بل إن هدفها أعمق من رجل غارق في التفاصيل اليومية ومدرك لما هي عقليات الشعوب العربية ويعلم تماما ما هي أبعادها وأصداؤها.. تعاطي البعض مع الزيارة كزيارة بروتوكولية فقط لمسؤول كبير إلى دار الأوبرا العالمية في مصر، ولكنها أيها السادة الكرام ومن منظور ماذا يقدم صاحب الرؤية البعيدة لدولته ورجال دولته ونساء دولته ومستقبل أُمته أكبر من مجرد زيارة وأعظم من مجرد زيارة، هي بالتحديد رسائل مُبطنة للداخل والخارج بأن "التغيير الاجتماعي" يسير بِخُطى مُتوازنة مع التغييرات السياسية والاقتصادية، وأن المجتمع مُقبل على تطورات وقفزات هائلة، وأن التيارات المُتشددة الغارقة في الرجعية والبؤس والانحدار والانغلاق وتجفيف الحياة في المُجتمعات وزراعة البؤس والتوقف عند الأطلال والبكاء والنحيب على ماضي لن ولم ينتج إلا المُتفجرات، والدمار والقتل، والنهب والسلب، تيار أكل من الشعوب العربية خيراتها بكذبه، وأكل من شباب الأٌمة عقولها وأوقف التنمية والابتكار، لن يكون له وجود في هذه الحقبة الزمنية وهذه المرحلة الانتقالية. صالح المسلم Your browser does not support the video tag.