على الرغم من الأهمية البالغة لزيارة سمو ولي العهد إلى القاهرة، إلا أنّ لندن شكلت التحدي الأكبر في هذه الجولة الخارجية حتى الآن، ويكمن السبب في مساحة الحرية الواسعة التي وفرتها المملكة المتحدة لمن استغلوا الديموقراطية البريطانية ليجعلوا من أنفسهم معارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين مع أنهم في الأساس مجرد عملاء لا أكثر. كان هناك من يحاول أن يلعب على هذا الوتر فتخفى تحت شعارات العدالة وحقوق الإنسان ليدس أكاذيبه من خلال مسرحية مكشوفة جعلت من تكاسي لندن وحافلاتها لوحة إعلانات مدفوعة الثمن للإساءة للدور الذي تلعبه بلادنا في سبيل دعم الشرعية في اليمن، حتى إن تلك الأصوات حاولت الضغط على حكومة تيريزا ماي لإفشال الزيارة بل ومنعها من الأساس، ولكنّ السحر انقلب على الساحر حين كانت عاصمة الضباب على موعد مع تحالف أشد متانة بين مملكتين بينهما من المصالح المشتركة والتاريخ ما تعجز عن (الشوشرة) عليه دويلة هامشية وإن سخّرت كل ما تملكه من مال وخونة وأبواق مأجورة. وفي هذا السياق كان لافتاً ما قامت به القنوات التي تمولها قطر حين تعمدت اختلاق الأكاذيب، وبادرت إلى تناقلها فيما بينها وكأنها ليست من ذات المصدر حتى إن مراسل قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية خرج عن العرف الصحفي وكشف عما في نفسه حين كان ينادي على الأمير محمد بن سلمان بطريقة هيستيرية استغربها كل من كان يحيط بمقر الحكومة البريطانية في 10 داونينغ ستريت ثم ليبني على سؤاله المسيس -الذي لم يعره الأمير اهتماماً- تقريراً مزيفاً لتحتفي به القناة المفلسة وتضعه في مقدمة نشراتها التي لم يكن شغلها الشاغل إلا هذه الزيارة وأبعادها وتداعياتها على المنطقة والعالم. وبعد الاستقبال الملكي الحافل في قصر باكنغهام من قبل الملكة اليزابيث الثانية وما سبقه وتلاه من اجتماعات مع تيريزا ماي والأمير تشارلز ومختلف الفعاليات الاقتصادية والشعبية والدينية في بريطانيا كان سمو ولي العهد يضع بتوجيهات الملك سلمان - يحفظه الله - معالم المرحلة المقبلة من الشراكة الاستراتيجية المتينة مع المملكة المتحدة. وكما هو الحال في القاهرةولندن ستكون زيارة العاصمة واشنطن وما يليها من محطات أميركية بلا شك استكمالاً لتلك النجاحات المتتالية التي تحققت سابقاً، مما يعزز موقعنا ومكانتنا كدولة محورية في دعم الاستقرار في الشرق الأوسط سياسياً وعسكراً وتنموياً، كماإن جهود ولي العهد الداخلية والخارجية قد ساهمت بشكل كبير في الكشف عن الوجه الأجمل لبلادنا التي تنادي للاعتدال والتسامح في مواجهة الطائفية الدينية والتطرف الذي خلف لنا الإرهاب والحروب. يحق لنا أن نفخر بهذه الحفاوة التي تلقاها قيادتنا ومملكتنا في كل المحافل الإقليمية والدولية، تلك الحفاوة المبنية على الندية والشراكة الحقيقية التي لا تشترى بالمال ولا بصفقات السلاح والرشاوى كما يفعل الآخرون ليضخموا من أحجامهم الصغيرة جداً جداً. Your browser does not support the video tag.