مرت المسابقات السعودية بكثير من التغييرات خلال العقود الماضية بحثاً عن التطوير تارة وتماشياً مع بعض الظروف تارة أخرى. فبطولات الكأس لم يكن وضعها ثابتاً بل متغير ما بين تغيير وتوقف وعودة ومن ثم استمرارية مزدوجة عبر بطولتي كأس خادم الحرمين وكأس ولي العهد، إضافة إلى كأس الاتحاد الذي سمي فيما بعد بكأس الزمير فيصل بن فهد. ولأننا نشهد في هذه الفترة حراكاً رياضياً كبيراً يهدف إلى الرقي بالرياضة السعودية لأعلى المستويات، اتخذ الاتحاد السعودي لكرة القدم بالتنسيق مع الهيئة العامة للرياضة قرارات مهمة ومفصلية لتطوير المسابقات السعودية، بدءًا من إلغاء مسابقة كأس ولي العهد والدوري الأولمبي، انتهاءً بقرار مهم جداً يتمثل في زيادة عدد فرق دوري المحترفين من 14 إلى 16 فريقاً. وهذا يعني أن مسابقاتنا الرسمية ستكون مركّزة ومقتصرة على ثلاث بطولات "دوري وكأس وسوبر" كما هو الحال في أغلب البلدان المتطورة كروياً. ولا شك أنه سيكون لهذه القرارات انعكاسات إيجابية أو سلبية على المستوى الفني للمسابقات السعودية، وقد أُشبع هذا الجانب طرحاً وتحليلاً من قبل كثير من النقاد الفنيين؛ فيما لم تأخذ الجوانب التجارية والتسويقية حقها الكافي من النقاش، على الرغم من أن تأثيرها لن يقل أهمية عن الجوانب الفنية. لذلك نتوقع ان يكون لهذه القرارات وتحديداً زيادة عدد فرق دوري المحترفين الى 16 فريقاً، آثار ايجابية على الصعيد التجاري والتسويقي للرابطة وللأندية؛ إذ ستزيد عدد مباريات الدوري الى 30 مباراة في الموسم وهذا يعني زيادةً في عدد الحضور الجماهيري، وبالتالي زيادةً في عدد مداخيل الأندية من التذاكر التي من المتوقع أن ترتفع إيراداتها بما لايقل عن 250 ألف ريال لكل نادٍ، فيما سترتفع ايرادات الإعلانات في الملعب لكل نادٍ بما لا يقل عن 200 ألف ريال، وسترتفع قيمة الرعايات للأندية وللرابطة وللحكام بنسبة 15٪ تقريباً. أما على صعيد النقل التلفزيوني فلاشك أن زيادة عدد الفرق التي يتضح ان قرارها طبخ على نار هادئة من فترة طويلة ساهم في زيادة مبلغ النقل التلفزيوني الذي أعلن عنه مؤخراً بعقد مالي كبير جداً بلغ ستة مليارات و600 مليون ريال لمدة 10 أعوام. صحيح ان بعض التكاليف سترتفع كتكاليف الحكام والأمور التشغيلية في الملاعب، إلا أنها تظل رقماً صغيراً وصغيراً جداً مقارنةً بما سيتم جنيه من إيرادات متوقعة. على الجانب الآخر سيكون لإلغاء مسابقتي كأس ولي العهد والدوري الأولمبي أثر إيجابي (وإن كان غير مباشر) على قوة وقيمة المسابقات الاخرى، فعندما يكون لديك ثلاث مسابقات فقط "دوري وكأس وسوبر" سيكون التركيز عليها أكبر وأكثر وهذا سيساهم في الرفع من جودتها كمنتجات عالية القيمة، متى ما عمل المسؤولون عن هذه المسابقات على رفع جودتها عبر التنظيم المميز والجذاب والذي سيمنحها زخماً إعلامياً وميزة تنافسية كبيرة. والمميز في هذا الحراك الرياضي أن التطوير لم يقتصر على مسابقات الدوري الممتاز فقط، بل شمل دوري الدرجة الأولى والثانية والثالثة وهذا أمر يدعو للتفاؤل ويدل على أن التغيير لم يكن لمجرد التغيير بل بني على دراسة تطويرية شاملة لجميع المسابقات كما يتضح لنا من زيادة عدد اللاعبين المحترفين في دوري أندية الدرجة الأولى، سعياً لتقليص الفجوة بين الدوريين، ولتهيئة الأندية التي ستتأهل لدوري المحترفين والتي في الغالب تواجه كثيراً من المشاكل المالية والفروقات الفنية. والحدث الأهم من وجهة نظري هو ما أعلنه رئيس الهيئة العامة للرياضة بأن دوري الدرجة الأولى سيتم نقله تلفزيونياً وهذا أمر مفرح وإيجابي إذ سيساهم بشكل كبير في جذب الرعاة والمعلنين لدوري الدرجة الاولى، وسيساهم في تسهيل ممارسة النشاط التسويقي في أندية دوري الدرجة الاولى فالإ علام هو العمود الذي يتكئ عليه التسويق الرياضي. نختم بتفاصيل مهمة جداً ستضفي الشيء الكثير للمسابقات السعودية بشكلها الجديد، هذه التفاصيل تخص قيمة الجوائز التي ارتفعت بشكل مغرٍ للأندية، والإضافة الأكبر تتعلق بدوري الدرجة الأولى الذي سيحمل اسم سمو ولي العهد والاسم بحد ذاته سيعطي زخماً إعلامياً وتسويقياً للمسابقة ناهيك عن الاهتمام الذي حظي وسيحظى به هذا الدوري على الأصعدة كافة . د. مقبل بن جديع Your browser does not support the video tag.