اعتبرت وسائل إعلام بريطانية أن المفاوضات الجارية بين قطروروسيا لشراء المنظومة الصاروخية (اس 400) تشكل "محاولةً يائسةً" من النظام الحاكم في الدوحة لتعزيز قدراته في المجال العسكري. ونشرت صحيفة "ديلي إكسبريس" تقريراً إخبارياً للكاتبة نيكول ستينون تحت عنوان "قطر تسعى يائسةً لتدعيم جيشها". إلى ذلك اعتبر مراقبون التصعيد الجديد من الدوحة عسكرة للأزمة الدائرة في منطقة الخليج. وفي هذا الصدد حذر محللون سياسيون من أن الإعلان القطري المفاجئ، قد يدفع الولاياتالمتحدة إلى التحرك بسرعة باتجاه إغلاق قاعدة "العديد" الجوية الواقعة غرب الدوحة، والتي يعتبرها النظام الحاكم في الدويلة المعزولة بمثابة ضمانة لأمنه في الوقت الحاضر. العلاقات مع واشنطن ومن جانبه قال المحلل السياسي عبد العزيز الخميس إن أهم ما يمكن النظر إليه في تصريحات سفير النظام القطري لدى موسكو فهد بن محمد العطية حول المفاوضات الجارية لإتمام هذه الصفقة، هو تأثير ذلك المتوقع على أجواء العلاقة بين الدوحةوواشنطن. وأكد الخميس أن اتجاه نظام تميم بن حمد إلى التسلح من روسيا، سوف يؤثر على العلاقات مع الإدارة الأميركية، التي قال الرجل إنها رفضت في الفترة الأخيرة أن تُبرَم صفقات مع موسكو، مماثلة لتلك التي كشف عنها السفير القطري لدى روسيا قبل 24 ساعة بل "وحاولت تعطيل تلك الصفقات" أيضاً. وتساءل المحلل السياسي عما إذا كانت تلك الخطوة التي أقْدَمَ عليها النظام القطري، والتي تفتح الباب أمام نشر صواريخ دفاعية روسية الصنع في أراضي بلاده، ستساعد "على تعزيز أو تسريع (وتيرة) الرأي العسكري الأميركي الذي يريد أن تتخذ الولاياتالمتحدة قراراً بإغلاق قاعدة "العديد"، التي تستخدمها قواتها منذ عام 2000 ويرابط فيها أكثر من 11 ألف عسكري أميركي". وأشار الخميس في تصريحاته لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية إلى أن إعلان قطر اعتزامها شراء منظومة "إس - 400" الصاروخية، وما قد يترتب على ذلك من تفكيرٍ في سحب القوات الأميركية من الدويلة المعزولة سيكون محل نقاش في واشنطن، في إشارة واضحة إلى أن خيار إغلاق "العديد" بات مطروحاً الآن في دوائر صنع القرار بالولاياتالمتحدة أكثر من أي وقت مضى. من جهة أخرى، استبعد الخميس أن يشكل توجه الدوحة لشراء أسلحة من موسكو "ورقة ضغط" على الإدارة الأميركية، لتغيير موقفها إزاء الأزمة الناشبة في الخليج منذ منتصف العام الماضي، بسبب رفض النظام القطري التخلي عن سياساته التخريبية والمُزعزعة للاستقرار على الصعيد الإقليمي. ورقة فاشلة وقال في هذا الشأن إن مثل هذه التوجه سيشكل بالعكس ورقة فاشلة تماماً في يد القطريين، مُشيراً إلى أن مضيهم قدماً على طريق شراء الصواريخ الروسية الدفاعية سيمثل "تعارضاً كاملاً مع منظومة التسليح الأميركية داخل قطر، خاصة قاعدة العديد التي تضم مقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية، والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية، ومقر المجموعة 319 الاستكشافية الجوية التابعة لسلاح الجو الأميركي كذلك. وفي هذا الصدد، أوضح المحلل السياسي أن نشر صواريخ "إس - 400" في قطر -حال حدوثه- سيهدد "الطيران الأميركي داخل هذا البلد، كما سيمثل تهديداً للأنشطة الجوية الأمريكية المنطلقة من قطر"، في إشارةٍ بطبيعة الحال إلى الطلعات التي تقوم بها المقاتلات الأميركية المرابطة في "العديد" لتوجيه ضرباتٍ للتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا وأفغانستان. وأوضح الخميس أن الخطر الذي سيُحدق بالقوات الأميركية في قطر سينجم عن "خضوع المنظومة الصاروخية الروسية (حال نشرها في الأراضي القطرية) لإشرافٍ فني يتولاه ضباط روس، نظراً لافتقار القطريين للكوادر الملائمة للاضطلاع بالأعمال الفنية المعقدة المرتبطة بتشغيل تلك المنظومة، التي تُوصف بأنها من بين المنظومات الدفاعية الصاروخية الأكثر تطوراً في العالم". وأشار إلى أن مثل هذا الأمر سيلقى رفضاً من جانب الولاياتالمتحدة، وقد يؤدي بها إلى سحب قواتها وطائراتها من الأراضي القطرية، واصفاً انخراط الدوحة في مفاوضاتٍ مع موسكو لإبرام مثل هذه الصفقة ب"محاولةٍ لكسب رضا وود روسيا، في معركتها (قطر) مع دول المُقاطعة، والتي تفرض إجراءات صارمة ضدها منذ مطلع يونيو الماضي". ومن جهة أخرى، أكد الخميس أن أي خطر محتمل ربما يكون قد حدا بحكام الدوحة للسعي إلى تحصين دفاعاتهم الجوية، لن يأتي من جانب الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (المملكة والإمارات ومصر والبحرين) مُشدداً على أن هذه الدول أعلنت مراراً أن التصعيد العسكري ليس في جدول أعمالها، ولا من ضمن مقتضيات العلاقة مع قطر، وأن مقاطعتها لهذا البلد تستهدف فقط درء الشر عنها. ألاعيب وخلص الخميس للقول إن الإعلان القطري الأخير بشأن ال"إس - 400"، ليس إلا "ألاعيب كما عوّدنا على ذلك النظام القطري"، مُشككاً على ما يبدو في إمكانية إبرام اتفاقٍ نهائي يقضي بشراء الدوحة هذه المنظومة الصاروخية المتطورة. من جانبه استبعد المحلل السياسي العربي المقيم في العاصمة البريطانية د. فاتح عبدالسلام، توصل قطروروسيا إلى اتفاقٍ وشيكٍ بشأن تلك المنظومة، قائلاً إنه لا يرى "أي سقفٍ زمنيٍ قريب، لتنفيذ هذه الصفقة، في زمنٍ لا تزال الأجواء فيه ملبدة". وأرجع عبدالسلام -وهو رئيس تحرير الطبعة الدولية من صحيفة "الزمان" التي يُوجد في لندن أحد مقارها- هذا التوقع إلى سببٍ آخر يتعلق بأن "من عادة الروس التحلي بالحذر في التعاملات الخاصة مع أوضاع الخليج"، كما أبرز عبدالسلام كون التفاهمات الاستراتيجية المبرمة بين الدوحةوواشنطن تمنع أي خروج عنها، حتى لو كان المجال مفتوحاً لتنويع مصادر السلاح. Your browser does not support the video tag.