هل كل من تعرفهم من البشر هم كما هي حقيقتهم؟ هل هؤلاء الناس الذين تعيش معهم يعيشون داخلهم الحقيقي..؟ هل هذه الحقيقة التي يصدورنها هي أصلهم؟ أم أنهم يصدرون للآخر حقيقة مختلفة ترضيه بينما حقيقتهم تظل معهم يحتفظون بها ويعيشونها بعيداً عن الآخر؟ في الحياة عندما تقول: فلان عصبي ومتوتر دائماً.. يجيبك آخر: على العكس هو شخص هادئ ورايق ولم أشاهده إلا هادئاً.. في المقابل سبق لك عدة مرات إن اختبرت ذلك الشخص في مواقف متعددة وأفزعتك ردة فعله على أشياء صغيرة لا تستحق الخلاف أو الاختلاف أو الغضب.. وبالتالي رسّخ لديك صورة نمطية له حقيقية لم يستطع أن يتجاوزها بأنه لا يحتمل الضغوط أو الاختلاف ويغضب بسرعة دون مبرر.. من تجارب واقعية.. عكس ذلك الشخص الذي لا يعرفه ولم يحتك به واقتصرت المعرفة على اللقاءات البعيدة والرسمية والتي عادة نصدّر فيها الصورة التي نريدها.. والتي سوف نكسب منها وليس صورتنا الحقيقية.. التي تكون هي وبالذات تحت تأثير الظروف والضغوط والاختلافات..! في الصورة التي نصدّرها هل هي المطلوبة؟ وهل يعكس ذلك أن المجتمع بعضه يتقبل النفاق أكثر من الحقيقة.. ويرتضي أن تكذب عليه ليسعد أفضل من أن تصدمه فتنقل إليه إحساساً سيئاً.. وطاقة سلبية..! هل هي معادلة متفق عليها بين من يصدّر وبين من يستقبل.. كلاهما يعرف أن هذه ليست الحقيقة.. ومع ذلك يتقبلانها.. مثال ذلك أنك قد تستمتع لأحدهم وتعرف جيداً أنه يكذب وأن ما يقوله لا علاقة له بالحقيقة ومع ذلك لا تعلق.. ولا تعترض.. ولا تجادل وكأن هذه الكذبة التي استعرض بها لا تعنيك ولا تعنيه.. ولكنها في المحصلة حقيقة كاذبة.. صدّرها هو واستقبلها أنت لم تقتنع بها.. ومع ذلك لم تتوقف أمامها..! هذه الكذبة أو الحقيقة المزورة هي التي يريدها الناس أحياناً.. يريدون جانباً تخديرياً.. يريدون أن ينسوا أحياناً النكد... بدليل أن الأصدقاء عندما يجتمعون قد يشترط بعضهم أنهم لا يريدون نكداً وهم يجتمعون ليهربوا من مشكلاتهم وهي الحقيقة.. ولا يريدون أن يسمعوا حقائق غيرهم وسيكتفوا بحقيقة هم يريدونها فقط.. حتى وإن كانت غير صادقة..! في كثير من الأحيان يعيش الناس عكس ما يفكرون.. ويفكرون عكس ما يعيشون.. وهذا يختلف عمَّن يقول «إنه يجب على المرء أم يعيش في الحقيقة ويفكر كما يعيش ويتكلم مما يفكر..» لنتخيل أننا نستطيع أن نتكلم كما نفكر هل يمكن ذلك.. ستحترق الحياة وستصنف وقحاً أو صريحاً جافاً.. ولن يتقبلك أحد.. بعد ذلك.. الحياة ليست ملكك وحدك تعيش داخلها مع أطراف آخرين من كل الاتجاهات.. فلو تحدثت كما ترى ومما تشعر من الصعب أن تجد لك مكاناً بينهم.. فكر كما تشاء وحاول أن تمازج ولو بقليل من الحكمة بين تفكيرك وكيف تعيش؟ تعلم أن تصدّر حقيقتك مجزأة لو أمكن وأن تستقبل الحقيقة مجزأة أيضاً.. حتى لا تُصدم مستقبلاً...إن عرفتها كاملة ولمرة واحدة..! Your browser does not support the video tag.