من الإنصاف أولًا أن أقر بنجاح هيئة الترفيه في تنظيم العديد من الفعاليات الترفيهية والتي استطاعت من خلالها أن تلبي كثيراً من حاجات ورغبات المجتمع بمختلف فئاته السنية وتعدد هواياته وصعوبة إرضاء ذائقته الثقافية، إلا أن العديد من الفعاليات توافقت مع خصوصية وتقاليد المجتمع وهو أمر علينا الإشادة به لعلمنا بصعوبة تنفيذه خاصة مع مجتمع اختطفت منه مفاهيم الترفيه لعقود من الزمن، وفي مقابل الإقرار بتلك النجاحات لابد أيضاً من الإقرار بوجود بعض الكبوات الصغيرة هنا وهناك والتي يجب تلافيها مستقبلاً والأخذ بأسبابها وعلاج أوجه قصورها، وهذا أمر طبيعي ومتوقع لوليد جديد في مجتمع ما زال بعضه يستنكره ويرى فيه مقتحماً لخصوصيته، وهو ما وضع الهيئة تحت ضغوط كبيرة لأجل إرضاء كل الأذواق المتفاوتة مع مراعاة الحد الأدنى من الذوق العام، وهو مما لاشك فيه قد أضاف عبئاً أكبر على منظمي تلك الفعاليات الترفيهية. لذلك علينا أن نعي ونقدر حجم مسؤوليات الهيئة ودورها الذي لا ينحصر في توفير الترفيه لأجل الترفيه بقدر ما هو دور توعوي وثقافي واجتماعي يضيف للمجتمع ما يرتقي بذائقته ورفع مستوى ثقافته العامة، فالهيئة وجدت المجتمع السعودي أرضاً خصبة متعطشة للفعاليات الترفيهية بمختلف أنواعها وفنونها لكن غاب عنها أنه لا ينتظر من الهيئة الترويج لبعض الشخصيات التي عرف عنها نشر السلبية والهبوط بذائقة المجتمع في مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة ولهذا على الهيئة أن تبتعد عن استقطابهم، كما عليها أن تفرض وجوهها وأهدافها الجديدة والبعيدة عن إسفاف من كانوا يتسيدون ساحات الترفيه قبل ولادتها وتبوئها إدارة هذه الأنشطة والفعاليات، ومن واجباتها اليوم الأخذ بيد المجتمع نحو الارتقاء بذائقته ومستوى حاجاته الفكرية والثقافية والترفيهية فالأمر هنا ليس مجرد صناعة ترفيه؛ بل صناعة رافد مهم يدعم عدة عوامل مجتمعية أخرى تتشارك وإياها في صناعة مسار المجتمع نحو التقدم والازدهار، فالهيئة في نهاية المطاف جهة حكومية تحمل أهدافاً ورسالة سامية مرتبطة برؤية وطنية شاملة. تلك الفعاليات الثقافية والتعليمية والرياضية والاجتماعية أداة لترسيخ ونشر تلك المفاهيم، لذا فإني وغيري من بعض المواطنين ننتظر المزيد من نجاحات هيئة الترفيه في اختياراتها لضيوفها وأن تضع في اعتبارها أن الترفيه كالنقش في الحجر وأن صناعة الترفيه الثانوية تدخل ضمن خطة صناعة ثقافة الأجيال الرئيسة. Your browser does not support the video tag.