في المقال السابق كتبت في موضوع يتعلق بحملة حظر المشاهير، وأهمية البحث في أسباب تهافت شرائح من المجتمع على تتبع أخبار أسماء أخذت شهرة عالميا ومحليا، فالسؤال عن الأسباب يوصلنا إلى الحلول، ولعل افتقاد النموذج الفكري والثقافي والسلوكي المقنع والجاذب في حياة المهووسين من الشباب والشابات والمراهقين من الجنسين يشكل أحد الأسباب لهذا التهافت، إضافة إلى الفضول وحب الاستطلاع فالمعجب يبحث في الشخصية المشهورة عما ينقصه ويتمناه لأنه يراها من وجهة نظره تعيش حياة أفضل منه، وينتهي الأمر بتقليده في كل شيء، في شكله وسلوكه وملبسه وممتلكاته وحتى في طعامه، وهو بذلك يقع فريسة حب وإعجاب مصطنع ومزيف لأن الحقيقة مختلفة عما تبدو له، ويستغل الطرف الآخر هذا الحب والهوس لتحقيق مآربه ومآرب الأطراف الأخرى المنتفعة بزيادة الاستهلاك والترويج للسلع والماركات العالمية. المشكلة أيضا تفاقمت بسبب سلبية فئة من الآباء والأمهات أمام هوس أبنائهم وبناتهم بالمشاهير، بل إن بعض الأمهات وللأسف من المتعلمات يشاركن بناتهن في المتابعة، ووصل التأثر بثقافة هؤلاء المشاهير إليهن وأصبحن يروين أخبارهم في المجالس من باب التسلية والإعجاب. الإعلام أيضا لعب دورا كبيرا في هذه الظاهرة فهو يغطي على قنواته أخبار المشاهير وتفاهاتهم ليل نهار، وينشر صورهم في كل الصحف والمجلات، وبالتالي يجد بعض الناس أنفسهم منساقين لتناقل حكاياهم سواء أعجبوا بها أم لم يعجبوا. المفترض أن يتنبه المسؤولون في وسائل الإعلام، ويتحملوا مسؤولياتهم، وعلى الوالدين أن يبذلوا جهدا في حماية أبنائهم من هذه العادة المرضية بإشغالهم وإشراكهم ببعض المسؤوليات، وخلق فرص لهم لممارسة أنشطة تمتعهم وتملأ أوقاتهم، مع فتح حوارات معهم حول قدراتهم وإمكاناتهم بالشكل الذي يعزز ثقتهم بأنفسهم ويساعدهم على اكتشاف مايمكن أن ينجحوا ويبدعوا به، ولا شك أن تمثيل القدوة الحسنة لهم في المظهر والفكر والثقافة والسلوك يزيد من شعور الاحترام والإعجاب تجاههما، ويقلل من ولع الأبناء وتأثرهم بالمشاهير وخصوصا التافهين. Your browser does not support the video tag.