يبدو أن شعر الغزل بوح يندرج ضمن التعبير عن الذات للذات ويمكن أن يصدق عليه القول من طرف واحد، وقل أن يكون له صدى من خارج دائرة الشاعر نفسه. ويقابل هذا البوح تحفظ اجتماعي مما يضيق دائرة نشره، ولهذا السبب يمكن أن يخبو بعد فترة وتستهلك مفرداته ومعانيه. بعكس شعر الحكمة حيث يتجدد مع الزمن لاتصاله بمشترك إنساني يحتاجه، وتفتح له الميادين لوضوح منفعته، وعن الغزل جاء في اللغة: "شِعْرُ الغَزَلِ: الشِّعْرُ الَّذِي يُقَالُ فِي النِّسَاءِ وَوَصْفِهِنَّ وَالتَّشَبُّبِ بِهِنَّ، وشِعْر غَزَليّ: خاصّ بالغزل وغَزَلَ: فعل؛ غزَلَ يَغزِل، غَزْلاً، فهو غازِل، والمفعول مَغْزول وغَزْل غزَلَ الصوفَ أو القطنَ ونحوَهما: فتَله خيوطًا بالمِغزل. غزِلَ بالمرأة: شغِف بمحادثتها والتودُّد إليها، أو وصفها. وشَاعِرٌ غَزِلٌ : مُتَغَزِّلٌ فِي النِّسَاءِ، صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من غزِلَ. وغَزِلَ بِالنِّسَاءِ: حَادَثَهُنَّ بِلُطْفٍ وَرِقَّةٍ وَكَلاَمٍ عَذْبٍ وَتَوَدَّدَ إِلَيْهِنَّ انتهى. ومن هذا التعريف يتبين لنا لماذا شعر الغزل يسير عبر مسار أقرب إلى الخصوصية والانفراد والعزلة من عمومية المشاعر ومشتركها. ثم نتساءل: هل هذا الغرض الشعري يتحد مع بقية الأغراض كالوصف والفخر والمديح والهجاء أم أنه يبقى في مسار يرقبه المجتمع بحذر، ويتوارى؟ ماذا يعني أن يلجأ الشاعر إلى الغطو والغموض والتعبير بالريحاني والدرسعي والرمز والتشفير وهو يذكر اسم أنثى؟ ماذا يعني تراجع العديد من الشعراء عن قول شعر الغزل أو تنكرهم لشعر قالوه ونظموه، وشعراء أحرقوا قصائدهم التي قيلت فيه بل إن البعض اعتزل الشعر بأكمله منطلقاً من رفضه للغزل الذي قاله هو، أو قاله غيره أيضاً باعتبار مسمى شاعر يجمعهما معاً. ليس المهم أن نوجد جواباً ويكفي أن شاعر الغزل تضيق به ميادين هي مهيأة لغيره بشكل أوسع، فوصف الديار ومشاعر المعاناة المتعددة في الحياة ليست كمن يتغزل ببوح منفرد من ذاته لذاته، فاستقبال الآخر لتلك المشاعر مختلف. من هنا يمكن القول إن الغزل ما هو إلا قصيدة شاعر قالها ونظمها لنفسه، وإن كانت مشاركة غيره له تريحه، وما ترديدها ممن يشاركه إلا تغذية راجعة لخياله يكسب من المتلقي أحياناً بعضاً من تصديق وتأييد وتصفيق لا أكثر. والغزل قريب من الوصف والمديح والثناء والتعلق هو الرابطة، لكنه في النهاية ليس كذلك، كما أنه ليس من طرفين تبادلا مشاعر الحديث، ولكن التعبير والبوح جاء من الشاعر وحده فهو القائم بالدور والمتلقي. ولقد تناول الشعراء موضوع الغزل ولا مجال له إلا المرأة ووجهوا شعرهم ناحيتها، وجل الشعراء انساق وراء هذا الغرض تلبية لرغبة بعض المتلقين ممن أعجب به، حتى جاء معظمه غزل في محبوبة افتراضية، و لم يكن مقبولاً على مستوى المجتمع وعمومه فبقي منزوياً يظهر ويختفي. وفي المقابل فإن المرأة لم تنتفع به كثيراً مع أنها المحور الذي يدور حوله شعر الغزل، وربما لحق به الضرر في مجتمعها بحسب كل حقبة زمنية والوضع الاجتماعي وثقافته. وأضعف الغزل وأقله عمراً وأكثر مفرداته تهالكاً وفقداً للتأثير؛ ما جعل من وصف الجسد ميداناً له فيصف ويصور ويتخيل ويرسم المرأة أمام المتلقي في وصفه وتغزله مبتعداً بهذا الشعر عن مرتبته علوية المرموقة إلى سفلية أحياناً لا تليق ولا تقبل اجتماعياً، خاصة عندما يوغل في الوصف حتى الرفض. ونختم بالقول إن الشعر قناة تعبيرية والشاعر فارس الميدان فيها، والمتلقي ينتظر أحسن الأقوال وأعلاها وأرفع معانيها في أي غرض كان، فإن كان غزلاً كان عفيفاً يسمو بالمعنى، وإن كان فخراً أو مدحاً كان مجداً، وإن كان هجاء كان حماية ودفاعاً ونصراً ولم يكن هابطاً بذيئاً. وهكذا تكون القصائد عقود لآلئ ونجوماً تزين سماء الأدب: يقول الشاعر تركي الثبيتي: الشّعر يكوّن لك محبّه وجمهور الشّعر ما هو كل واحد يقوله الشّعر ذوق وفن واحساس وشعور جمهور يرغب منك تشبع ميوله الشاعر اللي بالوفا حيل مخبور يستاهل التشجيع اذا صفّقوا له يقولها شاعر وبالخير مذكور الشاعر إثبيتي وهذي. فعوله فعول شاعر ما حصل منّه قصور بكل منتدى يحقّق حزام البطولة Your browser does not support the video tag.