بينما تحفظت بعض الشاعرات السعوديات على فن الغزل في شعر المرأة واعترف البعض منهن أنهن لم يكتبن بيتا واحدا فيه، يرى الناقد الدكتور عالي بن سرحان القرشي، أن الشاعرة السعودية أصبحت جريئة في طرقها للغزل؛ لأنها بمجرد الكتابة الشعرية تجاوزت القيود. وتباينت آراء شاعرات أخريات حول الغزل في شعر المرأة، فهناك من ترى أن الشعر تعبير لا يحد بحدود أو قيود، وهناك من تعتبر غزل المحدثين لا يعد غزلا وإنما عشق للجمال الذي يتلاشى مع الزمن أو الظروف. الشاعرة هند المطيري تقول: "الشاعرة السعودية أنثى أولا وأخيرا، وتملك شعورا وعاطفة، وتحب وتشتاق، وتتألم وتعبر عن ذلك كله بلسان الشعر". وأضافت "لسنا في سباق نحدد فيه المدى الذي بلغته الشاعرة في التعبير عن عواطفها؛ لأن كل شاعرة لها مداها العاطفي، ولها تجربتها التي تمدها بالطاقة الشعورية الروحية وهنا يولد الشعر شعورا معبرا مؤثرا لا كلاما مطربا معجبا وهذه حقيقة الإبداع، ترجمة لتجربة واقعية في وجودها خيالية في آفاقها". وأشارت المطيري إلى أنها لا تنظر لموضوع الغزل تحديدا نظرة منافسة بين الرجل والمرأة، وربما يصح ذلك في أغراض أخرى، والمرأة الشاعرة تعبر والرجل يعبر والمتلقي يحدد ما يراه الأقرب للقلب. وعن النقد الذي يوجهه المجتمع للمرأة التي يكثر في شعرها الغزل، قالت إنها لن ترد على أصحاب هذا التفكير؛ لأنهم يعيشون بعيدا عن الشعر، فالشعر ليس اختراعا يمكن التصرف في مواصفاته بحيث تصنع منه نسخا أصلية "تخفى" وأخرى تقليدية "توزع" ومن يدرك أن الشعر شعور وإحساس لن يفكر قطعا بهذه الطريقة. فالقصيدة تولد من رحم التجربة، وإذا كان تغيير التجارب الواقعية صعبا فإن تغيير المشاعر النابعة منها مستحيل غاية الاستحالة، ومن ثم لا يمكن التصرف بالشعر بعيدا عن التجربة. من جهتها لا تتذوق الشاعرة الدكتورة هيا السمهري غزل اليوم مطلقا واصفة ذلك بقولها: غزل المحدثين لا يعد غزلا، وإنما هو عشق للجمال الذي يتلاشى مع الزمن أو الظروف، وأشارت إلى أنها نظمت في كل الأغراض الشعرية عدا الغزل، إذ لم تذكر بيتا غزليا واحدا، وأغلب شعرها مناسبات وشعر ساخر وإخوانيات ورثائيات. وأضافت موضحة: غزل المحدثين لا وهج فيه، وعندما تناولت الشاعر عبدالله بن خميس في شعر الغزل، وجدت أنه ينظر للغزل على أنه يحط بمقام الرجال. وبالرغم من هذا التوجه لدى ابن خميس، إلا أنها وجدت شعرا غزليا لديه لأنه عشق الجمال مثلما يعشقه في الطبيعة، ولذلك تعددت في شعره أسماء الجميلات ولم يعشق المرأة المحبوبة. مشيرة إلى أن غزل المحدثين غزل لا يلبث أن ينتهي وسحابة صيف تنقشع، والعشق الحقيقي لا ينتهي مطلقا.