قال علي محمود محجوب، باحث دكتوراه مصري في العلوم السياسية: إن إيران تدرك أن القضاء على النظام السوري يزيد من عزلتها ومن تعرضها للضغوط الخارجية، ولذلك تحرص على المحافظة على نظام حليف هو بمثابة نافذة لطهران على البحر المتوسط. وأضاف محجوب في دراسة له بعنوان «تأثير العوامل الخارجية على التسوية السلمية للأزمات العربية» أن سورية وفرت لطهران رابطاً جغرافياً حيوياً مع ميليشيا «حزب الله» الشيعية اللبنانية، وتعد سورية و»حزب الله» عنصرين حاسمين فيما يسمى محور إيران لمقاومة الولاياتالمتحدة وإسرائيل، حيث يعتقد أن جزءاً كبيراً من أسلحة «حزب الله» يأتي من إيران عبر مطار دمشق، وبالتالي فمن دون الأسد يمكن لتلك الرابطة أن تنقطع. وأكد محجوب أنه لا يوجد بلد في المنطقة قد يخسر جراء انهيار نظام بشار الأسد أكثر من إيران حليفه الإقليمي الوحيد، فهي لا تربط الصراع السوري بمن يسيطر على دمشق، بل هو يمثل بؤرة صراع إيديولوجي وطائفي وجيوسياسي أوسع نطاقاً ضد مجموعة متنوعة من الأعداء. وأشار محجوب إلى أنه رغم دور إيران الكبير في سورية، إلا أنه معرفة الحجم الدقيق للمساعدة المالية والعسكرية التي تقدمها طهران إلى نظام الأسد أمر مستحيل، فقد قدمت إيران منذ فترة طويلة النفط المدعوم لسورية، كما أكدت وسائل الإعلام الرسمية في كلا البلدين أن إيران قدمت أكثر من 4 مليارات دولار لتمويل وشراء البنزين والمنتجات المرتبطة به، في حين يقدر البعض دعم إيران لنظام بشار الأسد بقرابة 6 مليارات دولار سنوياً. وبالتعاون مع «حزب الله» توفر إيران لسورية المساعدات العسكرية والتدريب الاستخباراتي لسحق المعارضة، ففي يونيو 2013م لعب مقاتلو «حزب الله» - يقدر عددهم بحوالي 5 آلاف- دوراً حاسماً في سورية في استعادة السيطرة على بلدة القصير الحدودية الإستراتيجية، كما ساعدت طهران على تأسيس جماعة سورية شبه عسكرية قوامها 50 ألف رجل تعرف باسم الجيش الشعبي لمساعدة القوات الحكومية السورية، كما يمد النظام الإيراني نظيره السوري بجميع أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وهناك جسر جوي بين دمشقوطهران لنقل الأسلحة، كما تتواجد قيادات من الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية. وعلى غرار المواقع الإستراتيجية الإيرانية الأخرى في البلدان التي تمر باضطرابات مثل العراق وأفغانستان فإن جناح النخبة في قوات الحرس الثوري المعروفة باسم قوة القدس، وليس وزارة الخارجية الإيرانية، هو الذي يشرف على أنشطة طهران في سورية. وأوضح محجوب أنه في سياق محاولات الحلحلة السلمية للأزمة السورية، دعا بعض الإيرانيين المقربين من روحاني إلى إيجاد شخصية سياسية عربية سنية تحظى بالقبول من طهران وواشنطن والنظام السوري والمعارضة السورية، ونظراً إلى تضارب المصالح بين هذه الجهات فقد ثبت أن العثور على هذه الشخصية مستحيل، كما رفضت طهران أيضاً الجهود الدولية التي تدعمها الأممالمتحدة، بما في ذلك بيان جنيف لوقف القتال في سورية من خلال تشكيل حكومة انتقالية، إذ لا يمكن للقوى الخارجية، سواء الولاياتالمتحدة أو روسيا أو دول في العالم العربي، أن تقدم لطهران تأكيدات بأن أي حكومة في حقبة ما بعد الأسد في سورية ستراعي المصالح الإيرانية. وقال محجوب في دراسته: إنه بعد اتفاق نوفمبر 2013م المبدئي بين إيران ومجموعة 5+1 حول الملف النووي الإيراني، غيرت إيران نظرتها لطبيعة الأوضاع في سورية، وتحولت من إلقاء اللوم على «قوى الاستكبار العالمي» والمخططات «الصهيو -أميركية» إلى العزف على نغمة «الإرهاب العالمي» التي تتوافق وهواجس القوى العظمى وخاصة الولاياتالمتحدة الأميركية تجاه المنطقة. حيث ركزت إيران على خطر الجماعات الإرهابية التي تنشط في سورية والعراق، وذلك بهدف بناء شراكة جديدة مع القوى الكبرى تحت مظلة الحرب على الإرهاب من خلال التسويق لمزاعم أن الإرهاب يستهدف إيران كما يستهدف الغرب وأنه سوف يصل إلى أوروبا والغرب بشكل عام بعد أن يقضي على الشيعة في المنطقة. Your browser does not support the video tag.