انتشر قبل أيام فيديو لجندي يحاول خنق أو تثبيت طفل على الأرض. يصاحب هذا المقطع معلومة تقول (جندي إسرائيلي يخنق طفلاً فلسطينياً)، قرأت بعد ذلك رداً يقول إن هذه الحادثة جرت في السويد والعملية لا تتضمن محاولة خنق وإنما السيطرة على الطفل. إذا صدق صاحب التعليق وثبت أن الحادثة جرت في السويد لا في فلسطين فعلى أي الوجوه نتدبر هذا التزوير العاطفي. وضعك صاحب الفيدو أمام قضيتين متناقضتين؛ القضية الفلسطينية عادلة ويتوجب الدفاع عنها ولكن العدالة لا تتجزأ، هل يجوز الدفاع عن العدالة بالكذب والتزوير؟ السؤال بطريقة أوسع: ما حكم الدفاع عن قضية أخلاقية بأساليب غير أخلاقية؟ ما حكم أن أحبب الناس في الصلاة بتلفيق مجموعة من القصص الكاذبة؟ الصلاة تتناقض مع الكذب. من أهداف الصلاة الأساسية هي الحرب على الكذب. أتذكر أن راجت قصة تقول إن مسلماً سأل إسرائيلياً لماذا تحتلون القدس وأنتم تعلمون أن المسلمين سوف يحررونها منكم. فرد الإسرائيلي لن يحرر القدس من قبضتنا إلا من يؤدون الصلاة في أوقاتها. من أدوات الحرب التي استخدمها هتلر ضد أعدائه مجموعة من الأكاذيب التي تشيطن الأعداء وتقلل من قيمتهم كبشر. من يقرأ التاريخ سيرى أن أكاذيب الدعاية الألمانية كانت متفقة مع العقيدة العنصرية التي كان هتلر وحزبه يؤمنون بها. الإنسان عند هتلر مجزأ وطبقي. ثمة من هو أنقى من الآخر. هذا الأدنى لا يمكن إصلاحه وترقيته ليتساوى معنا. من الطبيعي أن تختلف معايير العدالة. حدث مثل هذا في الولاياتالمتحدة في أزمنة الرق والعبودية. القصص الملفقة والكاذبة يروج لها أصحاب القضايا التي تبث العنصرية والكراهية وشيطنة الآخر. قضية غير أخلاقية تستولد وسيلة غير أخلاقية. لكن لماذا يحتاج بعض الناس للكذب والتزوير للدفاع عن قضية دينية أو عادلة؟.. سؤال لا أملك جوابه الفلسفي ولكني أرجعه في بعض الأحيان إلى اليأس. هذا الذي يذهب لقتل نفسه في عدو لا يعرفه فقد الإيمان بالمستقبل. لا ينتظر أن يعود لأمه يبشرها بالتحرير. تلاشى الأمل في قلبه. تحت ظلال اليأس يتساوى الظلم والعدل والحب والإيمان. العواطف الإنسانية المحركة للضمير تفقد قيمتها إذا كان الإنسان يعيش بلا فرصة تنتظره في الحياة القادمة. أعداد من الفلسطينيين التحقوا بصفوف داعش والنصرة. تركوا قضيتهم الكبرى وراءهم والتحقوا بحرب عبثية توفر لهم الموت بشجاعة زائفة أساسها فقدان الأمل. السؤال لماذا ينتشر اليأس ومتى؟ Your browser does not support the video tag.