لا يزال بيان منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن "جيمي ماكغولدريك" الذي وصف الميليشيات الحوثية الإيرانية ب"سلطة الأمر الواقع" يحظى بردود فعل غاضبة لدى النخب المجتمعية في اليمن، كما يبدو أن ثقة الشعب اليمني في المنظمة الدولية قد تلاشت بفعل هذا الظهور المعيب لمبعوثي المنظمات الأممية، وكأنهم ممثلون عن الميليشيات، يغسلون جرائمها الإرهابية بحق الشعب اليمني، بينما عشرات الآلاف من المختطفين والأسرى والمدنيين يتعرضون لصنوف الانتهاكات الجسيمة دون أن تلقى من البيانات التي تصدر عنهم أي ذكر أو إدانة، بل لا يزال مبعوثو الأممالمتحدة يعقدون اللقاءات الحميمة مع الميليشيات المجرمة في جوار سجن ومعتقل يكتظ بالآلاف، وقد صاروا نصف أموات جراء التعذيب الوحشي. ويرى د. عبدالمجيد الغيلي مدير المنبر اليمني للدراسات والإعلام، أن ذلك البيان ينظر إلى جزء من الجريمة، ويتحاشى تسمية فاعلها، ويساوي بين المجرم المتمرد والمدافع عن حقه، مضيفاً، أنه مما يؤسف أن بعض المنظمات الدولية تستغل تقاريرها في ابتزاز الآخرين، وإرسال رسائل تهديد مغلفة بدعوى الدفاع عن الحقوق، والتباكي على الضحية. موضحاً أن البيان لم يذكر الميليشيات الحوثية، بل وصفها وصفاً شرعياً بأنها سلطة الأمر الواقع، وهذا الوصف يخالف قرارات دولية، يفترض أن تحترمها المنظمة الدولية إلى جانب أنه وصف يتجاهل الشرعية القائمة ممثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وكأن الشرعية لا سلطة لها، ولا مشروعية. وذهب الغيلي إلى تقرير حقيقة أن هذا الوصف يعطي الميليشيات الحوثية مبررات لما تمارسه من انتهاكات وجرائم بدعوى أنها صاحبة السلطة، والآخرون متمردون عليها!! وتساءل متهكماً، لا أدري بأي قلم كتب البيان؟، لكن الأكيد أنه قلم ميليشاوي تتواطأ معه منظمة دولية، وتغض الطرف عن جرائم تلك الميليشيات، مضيفاً أن أكبر جريمة اقترفتها الميليشيات الحوثية الإيرانية أنها انقلبت على السلطة الشرعية، وهددت الأمن القومي لليمن وللمنطقة، وما تلا ذلك من جرائم إنما هي تتبع تلك الجريمة الكبرى، التي لا تخجل منظمة دولية أن تضفي عليها المشروعية. وينهي الغيلي حديثه ل"الرياض" متسائلاً، هل صارت المنظمات الدولية هي الثوب الجديد والقديم أيضاً الذي سيغطي سوءة الميليشيات الحوثية الإيرانية؟! ويقرر همدان العليي مدير المرصد الإعلامي اليمني أن موقف جيمي ماكغولدريك في بيانه الأخير متوقع منذ البداية؛ مذكِّراً أنه منذ رفضت المنظمات الأممية بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأوتشا الانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن بحسب طلب الحكومة الشرعية وفقاً للأعراف الدبلوماسية، التي تلزم المنظمات الأممية بالانتقال أو بفتح مكاتبها في المنطقة التي تمارس الحكومات فيها أعمالها؛ بحكم أن الحكومة الشرعية أعلنت عدن عاصمة سياسية للبلد في عام 2016م، وذكر العليي أن هذا الرفض من الأممالمتحدة وتعاملها مع الميليشيات الحوثية الإرهابية، غير المعترَف بها دولياً، وعدم التعامل بشكل صريح ومباشر مع الحكومة الشرعية، ورفض الاستجابة لمطالب الحكومة الشرعية، يضع المنظمات الأممية في دائرة الشك، وعدم مصداقية تقاريرها وبياناتها، معلّلاً أنها في هذه الحالة بحكم المحاصرة في صنعاء، لا تستطيع بشكل مطلق أن تمارس أعمالها بشكل محايد، بل هي بهذا الشكل تخدم وجود جماعة الحوثي، وتشرعن وجودها أمام العالم أنها هي سلطة الأمر الواقع، كما لاحظنا هذا في بيانها الأخير. وعبر رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات عرفات حمران عن أسفه لما آل إليه حال منظمات الأممالمتحدة التي صارت تعمل بعيداً عن قيم ومبادئ ومواثيق الأممالمتحدة، حسب تعبيره، مضيفاً أنه يفترض بالمنظمة الدولية أن تعمل على تحقيق العدالة للشعوب، ولكن كما يقال (العدالة موجودة في ضمير القاضي ) لكننا -والحديث لحمران- لم نلحظه في ضمير ممثل المنظمة الدولية، مؤكداً أنها شكّلت غطاءً لتحركات الميليشيات الحوثية الإيرانية منذ اتفاق السلم والشراكة الذي رعته الأممالمتحدة عبر مبعوثها بن عمر، مع أن الاتفاقية تُعَدُّ انقلاباً على كل المخرجات والمرجعيات اليمنية، وهي أيضاً انقلاب على القوانين الدولية مكنت الحوثيين من صنعاء وبقية المحافظات، ويذكر حمران أن مجلس الأمن أصدر ضدها القرار 2216، وهي ما زالت متمردة عليه حتى الآن، وتساءل الناشط الحقوقي حمران كيف بميليشيات متمردة تكون سلطة في تقارير المنظمات الدولية؟ بصراحة -والحديث لا يزال للناشط حمران- لم تعد المنظمات الدولية غطاءً للميليشيات في اليمن، بل أصبحت أداة من أدواتها للأسف، معللاً بأن تقارير المنظمات تصدر في توقيت يخدم هذه العصابة. ويستبعد د. محمد أبوبكر شوبان الأستاذ الأكاديمي في جامعة عدن أن يكون جيمي ماكغولدريك منسقاً للشؤون الإنسانية في اليمن، ويرى أن يطلق عليه أنه ممثل للحوثيين ومنسقاً لخلق مزيد من الأزمات الإنسانية في بلد طالت المآسي كل أرجائه، لقد أثبت جيمي أنه رجل فاقد للبصر والبصيرة، أو أنه لا يعلم بما تعنيه الإنسانية، فنصَّب من نفسه منسقاً للانقلابين الذين اعتبرهم أمراً واقعاً حد قوله. وتسائل د. شوبان هل ذلك رأي جيمي أو رأي الأممالمتحدة؟ ويرى د. شوبان أن البيان إن كان معبراً عن جيمي فقط، فعلى الأممالمتحدة إنهاء مهمته واستبداله مشيراً إلى أن منسق الشؤون الإنسانية يتجاهل الأوضاع المأساوية التي صنعتها الميليشيات الكهنوتية التي حصدت الأرواح، ورملت آلاف النسوة، ويتمت مئات الآلاف من الأطفال، وخلفت بنية تحتية مدمرة فضلاً عن هدم وتفخيخ مئات المنازل والمنشآت العامة والخاصة، وتحويلِ العاصمة صنعاء إلى سجن كبير ومدينة أشباح، ووصف الدكتور شوبان بيان جيمي وإطلاقه وصف سلطة الأمر الواقع على الميليشيات الحوثية الإيرانية الإرهابية أنه محاولة لإضفاء شرعية للانقلاب في اليمن، ورمي بقرارات الأممالمتحدة عرض الحائط، وتضليل الرأي العام العالمي عن حقيقة ما يجري في اليمن. المنسق الاممي تجاهل انتهاكات الحوثيين تجاه الاطفال الشعب اليمني يتلقى المساعدات باستمرار د. عبدالمجيد الغيلي د. محمد أبوبكر شوبان عرفات حمران همدان العليي Your browser does not support the video tag.