لم يمض أسبوع واحد من القرار الرئاسي الإماراتي بتشكيل لجنة للتعاون المشترك بين المملكة والإمارات في كافة المجالات حتى نرى طلائع مخرجات هذا التعاون. محافظ البنك المركزي الإماراتي في تصريح له أن المملكة والإمارات بصدد دراسة لجدوى تطوير تقنية سلسلة الكتلة "البلوك تشين" بين البنك المركزي السعودي والإماراتي وعدد من البنوك التجارية في البلدين وإنشاء عملة رقمية سعودية - إماراتية. تقنية سلسلة الكتلة هي العمود الفقري المشغل لعدد من التقنيات وقد تكون أبرزها عملة "البتكوين" لما تمتاز سلسلة الكتل من أمان عال في ذاته وفي مسار عمله، من الإجحاف اختزال تقنية سلسلة الكتل في عملة رقمية فقط ولكن لها تطبيقات عديدة في مجالات مختلفة مثل القطاعات القانونية والصحية والتجارية والإيراد والتصدير وحتى الفنية وغيرها. الشأن الأمني ليس هو الهدف بالشكل الكبير من تبني هذه التقنية وخصوصاً في البنوك المركزية السعودية والإماراتية، بل هو اقتصادي بالدرجة الأولى. دراسات وتجارب الآخرين تفيد أن استخدام تقنية سلسلة الكتل تخفض التكاليف بأكثر من 30 % من قيمة التحويلات التي اعتادت البنوك المركزية تنفيذها باستخدام السيولة النقدية والتي تذهب للوسطاء الماليين في الغالب بالإضافة إلى إتمام هذه العمليات في وقت وجيز جداً. عندما يكون التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين أكثر من 20 مليار دولار فهو سبب جاذب ومحفز لاستقطاب تقنية تسهم في خفض تكاليف التحويلات المالية لتشجيع مزيد من التبادل التجاري بين البلدين وتجويده. قد يكون هذا الاتحاد في سلسلة الكتل الأول من نوعه على مستوى بنوك مركزية لبلدين، ولكن هناك تجربة مشابهة متقدمة دخلت مرحلة التشغيل التجريبي للبنوك التجارية اليابانية والبنوك الكورية الجنوبية، والتي من المتوقع أن تكون تجربة غنية بالدروس لهذا الاتحاد السعودي الإماراتي الفريد من نوعه. هذا السبق السعودي - الإماراتي في تشكيل اتحاد سلسلة الكتل سيكون بداية لخلق نواة هذه التقنية في الشرق الأوسط على مستوى التعاملات المالية ومشجعاً لانضمام مزيد من البنوك المركزية لدول أخرى. ربما تكون هذه التجربة الأولى لتقنية سلسلة الكتل في المملكة على المستوى الحكومي والتي صادفت أن تكون في قطاع التعاملات المالية، ولكن هي بالتأكيد فرصة للتعرف عليها وفهمها وفهم ما يمكن أن تقدمه لنا في مجالات مختلفة مثل الصحية والقانونية والتجارية وغيرها. إن تم هذا المشروع بين البلدين فهو وجد ليبقى، وليكون دلالة إضافية للاندماج الاقتصادي كما هو في السياسي والعسكري والثقافي وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين.