في أمسية أقامها نادي جازان الأدبي بعنوان «المسرح السعودي بين النظرية والممارسة» عرّف المسرحي نايف البقمي المسرح التجريبي بأنه كان يهدف إلى كسر وهدم التقليدية في المسرح، والإتيان بكل ما هو جديد ومبتكر، ولعل ما يميّز هذا المفهوم أنه مسرح مفتوح، بحيث يسمح لكسر الممنوع في المدارس المسرحية، وذلك بغية الخروج برؤية بصرية جمالية على مستوى العرض والتأليف والتمثيل، والتمرّد على سلطة النص والتجرّد منها وتناولها كفكرة يتم طرحها بأسلوب فني جمالي معتمدًا على السينوغرافيا وتجنّب الترجمة الحرفية لنص المؤلف. جاء ذلك خلال الأمسية المسرحية التي أقامها نادي جازان الأدبي مؤخرًا بعنوان “المسرح السعودي بين النظرية والممارسة” وشارك فيها عدد من المسرحيين. واستعرض البقمي تاريخ المسرح والحركة المسرحية وعن مفهوم المسرح التجريبي في الشأن السعودي، قال: لعل الفهم الخاطئ جعل التجريب يتحول إلى تخريب للعرض المسرحي بأكمله، فما نراه يُقدم من عروض مسرحية لفرق ناشئة أو أخرى لها باع في المسرح منتهجة ما تسميه تجريبًا، ما هو إلا تقليد أعمى لا معنى له، فالتجريب ليس استعراضًا جسديًا لحركات إيمائية لا دلالة لها، وأيضًا هو ليس تغريبًا لعمل لا يحتمل التغريب، بل هو تناول لعناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي، وطرح عدد من المسرحيات الناجحة والتي قُدمت في ورشة العمل المسرحي بالطائف منها: “لعبة الكراسي” و”محتكر”، وأكد أن المسرح التجريبي لا يستطيع القيام به سوى من لديه خبرة في العمل المسرحي ودراية بمدارس ونظريات المسرح. الأمسية بدأت بتقديم نموذج مسرحية «كنا صديقين».. اضاءات أولية للوعي بمحاولات التغييب، قام بأدائها الفنانان مساعد الزهراني وسامي الزهراني وأشرف على الفنيات والإضاءة والصوت محمد العصيمي. ثم شارك كل من علي ناجع وفهد الحارثي ونايف البقمي وعبدالعزيز عسيري في محاور متعددة. فتطرّق فهد الحارثي إلى علاقة المثقف بالمسرح وإشكالية التعامل مع المسرح من قبل المثقفين، كما تطرّق أيضًا إلى إشكالية هوية المسرحة وهواية المسرح، واستنكر عدم الاعتراف بالمسرح، ودعا الأندية الأدبية إلى دعم المسرح والاهتمام به بتوفير النصوص المسرحية، وطرح أمثلة كالأندية الأدبية في الطائف والدمام والرياض، وأكد ضرورة الجدية في الاهتمام بالمسرح عن طريق التفرغ، وانتقد بعض المثقفين لاتجاهاتهم السلبية تجاه المسرح، مشيرًا إلى ضرورة التعاطي مع الموروث الشعبي بالنحت والتعمّق وعدم الاكتفاء بالسطحيات. أما عبدالعزيز العسيري فقد تطرّق إلى محور النظريات المسرحية ومدى تطبيقها في السعودية، مؤكدًا أن المسرح عبارة عن نص وصوتيات وحركة وصمت فلا يمكن تطبيق العلامات عليها، وأيضًا تطرّق إلى بعض النظريات ومدى تطبيقها في المسرح السعودي، ومنها نظرية بريخت. واستعرض مسرح الشمراني 1385، واهتمام جمعية الفنون بالطائف بالمسرح وتاريخ المسرح السعودي في الطائف والاهتمام بالمسرح الفقير والمسرح داخل المسرح وانطلاق المسرح تحت شعار “نحن الآن هنا”. فيما استعرض علي ناجع معوقات ومحاذير المسرح السعودي، وأكد أنه يسير بعكازين بلاستيك، وأن التجارب الموجودة هي جهود فردية وليست مؤسساتية، وأن المسرح السعودي لا يحظى بدعم، مؤكدًا على أن الشراكة بين التربية الفنية والمسرحية كلاهما خرج من المنهاج المدرسي. وانتقد المناهج المدرسية والتي اختزلت المسرح في ممثلين يؤدون أدوارًا ورفع الأصوات، وأكد انه لا بد من الخروج من المفهوم العام للمسرح من التربية المسرحية، مستنكرًا وجود 24 مسرحًا في مصر، و12 في قطر، و6 في الشارقة، ولا يوجد في 13 منطقة إدارية في المملكة مسرح واحد أو مركز ثقافي يهتم بالشأن المسرحي!! ولا توجد فرق وطنية للمسرح تُدعم من قبل الدولة، ولا يوجد ناقدون متخصصون بالمسرح. الأمسية أدارها علي خبراني مدير فرع جمعية الفنون بجازان، وشهدت العديد من المداخلات من الحضور، وفي ختامها قدم رئيس نادي جازان الأدبي أحمد الحربي شكره للضيوف على تلبية الدعوة والحضور مؤكدًا اهتمام النادي الأدبي بالمسرح من خلال دعمه لعدد من المسرحيات.