تعتزم تركيا تغيير اسم الشارع الذي توجد به سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالعاصمة أنقره، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة التركية الشعور بالغضب بسبب تغريدة على تويتر أعاد نشرها وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة أنه سيتم إطلاق اسم فخر الدين باشا وهو حاكم عثماني قاد القوات العثمانية في منطقة الخليج أثناء الحرب العالمية الأولى على الشارع، وعلى الرغم من وفاة هذا القائد منذ نحو 70 عاماً فإن إرثه يعود الآن بقوة إلى دائرة الضوء. وينبع الخلاف بين تركيا ودولة الإمارات من الانقسامات الأخيرة داخل المنطقة حول إيران وقطر ودور الإسلام السياسي، حيث تبلور موقف هاتين الدولتين في مواقف متعارضة. أنقرة تثير أزمة مع الإمارات بعد الحديث عن انتهاكات «الحكم العثماني» ومع ذلك فإن هذا الخلاف يكشف أيضاً عن أن كلاً من العرب والأتراك ينظرون إلى التاريخ من منظور مختلف، حتى بعد مرور مئة عام على تعاون لورانس العرب مع سكان الخليج لإسقاط الحكم العثماني. وكان فخر الدين مسؤولاً عن المدينةالمنورة أثناء الحرب العالمية الأولى، في الوقت الذي كانت الإمبراطورية العثمانية المتداعية آخذة في الانهيار، ولجأ المواطنون العرب بالمدينة الذين شعر الكثيرون منهم بالغضب بسبب ما تردد من وجود إهمال وانتهاكات إلى السلاح ضد القوات المستعمرة. والتغريدة التي أعاد نشرها عبدالله بن زايد وزير خارجية الإمارات أشارت إلى أن فخر الدين "ارتكب جريمة ضد أهالي المدينة وسرق أموالهم واختطفهم"، وقام بترحيلهم إلى الأناضول، وبأنه قام بسرقة المخطوطات والممتلكات التراثية. واختتمت التغريدة بالقول "إن هؤلاء هم أسلاف أردوغان وهذا هو تاريخهم مع المسلمين العرب". فيما اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التغريدة "تشويه سمعة". كما قامت وزارة الخارجية التركية باستدعاء القائم بالأعمال بالسفارة الإماراتية في أنقرة. وكانت أنقرة تحالفت مع الدوحة وأبدت تعاطفاً مع جماعات الإسلام السياسي، كما أخذت تركيا تعمل بشكل أكثر قرباً من إيران وروسيا بشأن سورية، مع الابتعاد عن واشنطن. وبينما وضعت الحرب العالمية الأولى حداً للخلافة العثمانية التي استمرت لقرون، فقد تمخض عنها ميلاد ليس فقط الدول العربية، لكن أيضاً الجمهورية التركية الحديثة. وقال المؤرخ ريان جينجراس في كلية الدراسات العليا البحرية بالولايات المتحدة "إن الحرب العالمية الأولى هي حجر الزاوية للهوية القومية التركية، فمن الناحية العملية أدت إلى تأسيس الدولة الحديثة كما أنها صارت مصدراً لعدد من الأساطير والدروس القومية". وفي بادئ الأمر تم التبرؤ في عهد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية من كثير -وليس جميع- الباشوات أو الحكام الذين قادوا الإمبراطورية خلال فترة انحطاطها. وأضاف جينجراس "ولكن تم بشكل متزايد إضفاء الطابع الرومانسي على الباشوات إلى حد ما، ربما باعتبارهم زعماء أبطال رغم أخطائهم". ويعكس هذا الاتجاه مسلسل لقي إقبالاً كبيراً من المشاهدين ويعرض في التلفاز الحكومي يدور حول السلطان عبدالحميد الثاني، والذي كان سلطاناً مستبداً حكم في أوائل القرن العشرين كحاكم يدعو لوحدة الدول الإسلامية ويدافع عنها ضد النفوذ الغربي الزاحف، بما في ذلك الاتجاهات القومية الحديثة، غير أن الأجيال الشابة في تركيا أطاحت به.