الجواب السريع والمباشر والدقيق على السؤال/العنوان أعلاه، هو بلا شك: الفساد. فالفساد، هو المرض العضال والآفة الفتّاكة والخطر الداهم، بل السوسة اللعينة التي تنخر في جسد الوطن، ومعول الهدم الكريه الذي يُحطم كل مظاهر التقدم والتطور والازدهار. أمس، احتفلت شعوب العالم باليوم الدولي لمكافحة الفساد، والذي يُصادف التاسع من ديسمبر، وذلك من أجل ترسيخ مبادئ الشفافية وحماية النزاهة وتفعيل الرقابة. ويُعتبر اليوم العالمي لمكافحة الفساد، مناسبة كونية سنوية، تحتفي بها الأمم والشعوب والمجتمعات في كل العالم، والتي تُدرك خطورة وتأثير ونتائج هذه الظاهرة الكارثية التي تُهدد تنمية واستقرار وسلامة العالم، كل العالم. وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ال 31 أكتوبر من عام 2003 مسودة الاتفاقية التي تنص على أن يكون التاسع من ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة الفساد، رغبة منها في إذكاء روح الوعي والمسؤولية والشفافية ضد ظاهرة الفساد التي تنتشر بكثافة في كل بقاع العالم، وشهد عام 2005 النسخة الأولى من الاحتفال بهذا اليوم العالمي المهم. وتُمثّل ظاهرة الفساد في وطننا، أحد أهم التحديات الكبيرة التي تُحاربها الدولة بكل حزم وفاعلية، وذلك من خلال تعزيز سيادة القانون وشفافية الاجراءات وتفعيل الدور الرقابي، وفق آليات قيمية وثقافية وإدارية ومالية ووقائية وتنظيمية وقضائية وتشريعية ورقابية، تُشكّل في مجملها منظومة استراتيجية وطنية، هدفها الأساسي محاربة الفساد الذي يُعدّ العدو الأول لقوة وعافية ومتانة الاقتصاد الوطني. مفردات/ظواهر كريهة، كالرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة أو المنصب أو النفوذ وسرقة المال العام وغسيل الأموال والاختلاس والكسب غير المشروع وإساءة استعمال السلطة والحصول على امتيازات شخصية وغيرها من مظاهر الفساد، لن تجد لها مكاناً في وطن قرر محاربة الفساد ليُحقق التحول الوطني الكبير وفق رؤيته الطموحة والشفافة والحقيقية، لتحل مكان تلك المظاهر الكريهة، مفردات/ملامح جديدة كالشفافية والعدالة والمساواة والكفاءة والرقابة والنزاهة والنظام. ولكن، غياب تلك المظاهر الكريهة وحضور هذه الملامح الجديدة، يتطلب جهداً مضاعفاً من كل أفراد ونخب المجتمع ومؤسسات وهيئات الدولة، وبممارسة الوعي والمسؤولية والفاعلية والمشاركة والرقابة من كل مكونات وتعبيرات الوطن. الفساد، ظاهرة أزلية لا يخلو منها أي مجتمع على وجه الأرض، فهي كحيوان "الهيدرا" الذي جاء في الأساطير الإغريقية القديمة، وهو وحش على هيئة ثعبان يعيش في المستنقعات، وله عشرة رؤوس مخيفة، وبمجرد أن يُقطع أحدها، يظهر ألف رأس جديد. الفساد، لن ينتهي، تلك حقيقة ثابتة، ولكن المجتمعات الذكية التي لا تُريد أن تعيش على هامش الحضارة البشرية، هي التي تجعل محاربة الفساد أولويتها القصوى، لتجعله في مستوياته الصغرى ونسبه المتدنية.