نعيش اليوم فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان دبي السينمائي، وهو عُمر ليس من السهل بلوغه بطريقة متصاعدة كما يفعل هذا المهرجان الطموح الذي أصبح اليوم أهم منصة سينمائية في الشرق الأوسط، ومن أهم المهرجانات الدولية. عندما انطلق مهرجان دبي عام 2004 كنت من بين حضور دورته الأولى، وشاهداً على البداية القوية التي اقتحمت فيها دبي غمار السينما. وبقدر النشوة التي اعترت السينمائيين الخليجيين وقتها تجاه هذه النقلة التي كانت -ومازالت- النقلة الأهم في تاريخ صناعة السينما العربية عموماً، إلا أن هناك بعض الأصوات "الناقدة" ظهرت حينها لتُقلل من هذه الخطوة العظيمة وتتساءل باستخفاف: ما علاقة الخليج بالسينما؟. تجاهلت دبي هذه الأصوات واستمرت في مشروعها الثقافي الطموح، تحت شعار تنويري مهم "مد جسور التواصل الحضاري بين الشعوب"، وسنة بعد سنة، ودورة وراء أخرى، نما المهرجان وتطور إلى أن وصل إلى ما وصل له الآن في عمر الرابعة عشر؛ المنصة السينمائية الأهم في الشرق الأوسط والتي يخطب ودها نجوم السينما العالميون، من هوليود وبوليود، للتواصل مع الجمهور في العالم العربي. خلال 14 سنة لم يكن مهرجان دبي السينمائي مجرد منصة لعرض الأفلام العالمية فقط، بل كان ورشة عمل لا تتوقف على مدار العام، يوفر فرص الإنتاج لمخرجين خليجيين وعرب، ويساهم في إنتاج الأفلام، بل ويسعى لنشر أهم الإنتاجات العربية إلى المحافل الدولية، في أدوار نبيلة لا يقوم بها أي مهرجان عربي آخر. وقد أثر وجود المهرجان في الوعي بأهمية السينما في الخليج، وحوّلها إلى صناعة مرموقة تحيطها أستوديوهات احترافية في دبي وأبوظبي. إن تجربة المهرجان مُلهمة في حد ذاتها، وأهم ما يمكن الخروج به من هذه التجربة عدم الاكتراث بالأصوات المحبطة والمضي قدماً في تحقيق الحلم مهما كانت المعوقات. لقد فعل مهرجان دبي ذلك واستمر في نجاحاته دون أن يلتفت لأولئك الذين استكثروا عليه اهتمامه بالسينما والثقافة.