يحتل قطاع الرعاية الصحية ضمن دول مجلس التعاون الخليجي أهمية متزايدة من قبل القطاعين الحكومي والخاص، انعكست آثاره على واقع الاستثمار ضمن هذا القطاع الهام والحيوي، في وقت نشهد في تسارعاً وتنوعاً في الطلب على مختلف مكونات القطاع الصحي من قبل المواطنين والمقيمين. وقال تقرير شركة المزايا القابضة، إن حالة التطور التي يعيشها قطاع الرعاية الصحية، والذي تحول من تلبية الاحتياجات المحلية للمواطنين والمقيمين على مستوى المنطقة، إلى قطاع يمكن أن يسهم في رفع القدرات التشغيلية لعدد كبير من القطاعات الاقتصادية، ويسهم أيضا في نمو الدخل القومي الإجمالي، مع انتعاش قطاع السياحة العلاجية. الامر الذي جعل من الضروري الاتجاه نحو تطوير هذا القطاع والاستثمار فيه بشكل أكبر على المستويين الإقليمي والعالمي. وأكد التقرير على أن الاقتصادات التي اعتمدت بشكل أكبر على القطاع الخاص بهذا المجال استطاعت تحقيق قفزات نوعية ملموسة، مكنها من احتلال مركزاً متقدماً على مقياس الجاذبية السياحية، وتحقيق معدلات نمو ملحوظة على قيم التشغيل والعوائد. وتبدو الصورة أكثر وضوحاً عند الحديث عن النجاحات التي حققها القطاع الخاص في تطوير خدمات القطاع الصحي والارتقاء بها إلى مستويات عالمية خلال السنوات العشرة الماضية، فيما تبدو الصورة أكثر تحدياً عند الحديث عن المستوى الذي وصل إليه القطاع الصحي الحكومي والعقبات التي يواجهها في سبيل تطويره على الرغم من خطط التنمية الحكومية المتواصلة. وقال تقرير المزايا أن المستوى الحالي للقطاع الصحي الحكومي لن يكون في موقع جيد بالمقارنة مع التركيز المسجل والتطوير النوعي الذي يقوم به القطاع الخاص، وعلى القطاع الحكومي العمل بشكل مكثف لرفع مستوى هذه الخدمات، آخذين بعين الاعتبار القدرات المالية للدول وحجم الاقتصاد ومستوى الديون الخارجية والقدرة على جذب الاستثمارات الخارجية ضمن هذا المجال، والتي بطبيعة الحال ستنعكس قيمها على تطوير قطاع الرعاية الصحية الحكومي وتلبية ما يتطلبه المواطنين على اختلاف شرائحهم. بالتالي فإن الحديث عن الاتجاه نحو سيطرة كاملة للقطاع الخاص على قطاع الخدمات الصحية سيكون له تأثيرات سلبية على الطبقات الاقل دخلاً في المجتمعات، وما يحمله ذلك من تبعات اجتماعية من الصعب السيطرة عليها في المستقبل. وتشير البيانات المتداولة إلى أن القطاع الصحي على مستوى دول المنطقة شهد تركيزاً استثمارياً منقطع النظير خلال السنوات القليلة الماضية، وبشكل خاص لدى دولة الامارات العربية المتحدة، فيما يتوقع أن يتضاعف حجم القطاع بما يزيد عن 4 أضعاف حتى العام 2025 وان يرتفع حجم الاستثمار ليصل إلى 125 مليار دولار. كما يتوقع أن يصل حجم الانفاق على الرعاية الصحية إلى 60 مليار دولار خلال نفس الفترة، يأتي ذلك في الوقت الذي شهد فيه القطاع تطوراً كبيراً على صعيد أنشطة البناء والتشييد نتيجة لتدفق المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، الأمر الذي احدث نقلة نوعية على حجم القطاع الصحي ونوعية الخدمات المقدمة. ويقول تقرير المزايا أن خصخصة القطاع الصحي لدى المملكة باتت ضرورة ملحة ومستحقة نظرا لحجم التحديات والعقبات، بالإضافة إلى حجم الطموحات والخطط الجاري تنفيذها، وبالتالي فإن الاعتماد على الجهات الحكومية لوحدها من شأنه مضاعفة التحديات والابقاء على القطاع في خطر وتعطيل مساهمته في الانشطة الاقتصادية ودعم التوجهات الجديدة. وتظهر البيانات المتداولة إلى أن الفرص الاستثمارية التي يوفرها القطاع الصحي السعودي تقدر ب 266 مليار ريال يأتي ذلك في الوقت الذي يعد فيه تطوير القطاع الصحي من الاولويات الحكومية بالتوازي مع الاولوية التي تحظى بها مشاريع البنية التحتية، وذلك نتيجة الزيادة الكبيرة على أعداد السكان والذي يقدر ب 31 مليون مواطن، وما إلى هنالك من تحسن دخل الفرد، الأمر الذي نتج عنه تزايد الاهتمام والطلب على الخدمات الصحية ذات الجودة العالية. ونوه تقرير المزايا إلى أن قطاع الرعاية الصحية لدى دول مجلس التعاون الخليجي قد قطع شوطاً كبيراً باتجاه العالمية والتحديث والتطوير، ولايزال الطريق طويلاً لتحقيق التكامل والشمول على الخدمات الصحية والنجاح في خطط التحول من الرعاية إلى الوقاية، ومن ثم إلى تحول القطاع من قطاع خدمات صحية محلية إلى خدمات سياحية علاجية، تمكنه من استقطاب الاستثمارات أولا، ومن ثم استقطاب طالبي العلاج من كافة أنحاء العالم. واختتم تقرير المزايا القول أن البنى التحتية لدى غالبية دول المنطقة قادرة على تطوير خدمات القطاع الصحي، في الوقت الذي يبدو فيه القطاع الفندقي (الضيافة) أكثر جاهزية لاستقبال أعداد كبيرة من السياح والزوار، إلى جانب ما يتمتع به القطاع العقاري من قدرة على التعامل مع كافة أنواع الطلب الحالي والمستقبلي، وبالطبع فإن الشراكة التامة بين القطاعين العام والخاص لازالت تحتاج إلى المزيد من الجهود والخطط والتعاون بين الطرفين لتحقيق التطوير المنشود وجذب الاستثمارات ورفع مساهمته من إجمالي الناتج القومي خلال السنوات القادمة.