ترجم القطاع العقاري نشاطه المتواصل بالانتقال من قطاع إلى قطاع ومن نشاط إلى آخر ليشمل كافة القطاعات الاقتصادية الحيوية لدى دول المنطقة، فيما أصبح القطاع العقاري يتقن لغة التخصص والتركيز الاستثماري وفقا لمعايير أكثر دقة ونجاحا في اختيار الفرص الاستثمارية المجدية على المدى البعيد. وكان للقطاع السياحي وقطاع الرعاية الصحية النصيب الأكبر من التركيز الاستثماري المتخصص خلال الفترة القصيرة الماضية، والتي شكلت قفزة نوعية على طبيعة المشاريع والاستهدافات. يأتي ذلك في ظل تعاظم قدرات دول المنطقة الاستثمارية، لتتجاوز مراحل تلبية الطلب المحلي إلى مرحلة تقديم خدمات طبية وسياحية عالمية قادرة على جذب الطلب على مستوى الإقليم وعلى المستوى العالمي، وبالتالي الانتقال من مراحل التنمية المحلية التي تديرها الدول والحكومات إلى مراحل متقدمة يكون للقطاع الخاص دورا استثماريا رائدا ومسيطرا فيها، وأصبح جائزا الخلط بين التخصصات والخبرات على اختلاف قطاعاتها ومصادرها وبين رؤوس الأموال على اختلاف خلفيات أصحابها، متجاوزة بذلك كافة المبادئ والأعراف التي كانت متداولة في الماضي، حيث لم يعد الطبيب صاحب مستشفى، وأصبح أمام المستثمرين فرصاً استثمارية متعددة ومجدية طالما توفر التمويل المطلوب. وفي ظل التوسع الكبير الذي تشهده كافة القطاعات الاقتصادية لدى دول المنطقة ومشاريع استثمارية نوعية وما يرافق ذلك من تزايد سكاني كبير، فإن مشاريع القطاع الصحي على موعد مع مشاريع ضخمة وفرص حصرية ذات أبعاد استثمارية وتنموية تلبي أهداف كافة الأطراف بما فيها طالبي الرعاية الصحية. وتطرق تقرير المزايا الأسبوعي إلى أن البيانات المتداولة الخاصة بالاستثمارات المتجه نحو قطاع الخدمات الطبية لدى دول المنطقة تتعاظم مع مرور الزمن ومع النجاحات المحققة على هذا الصعيد، وفي السياق تشير المؤشرات الرئيسية في دولة الإمارات إلى أن متوسط النمو السكاني وصل إلى ما يزيد عن 7% على أساس سنوي، فيما يتوقع أن تسجل الدولة أعلى نسبة نمو في الطلب على أسرة المستشفيات بحلول العام 2025، في المقابل يتوقع أن يشهد الطلب على خدمات الرعاية الصحية لدى المملكة نموا كبيرا نتيجة للنمو السكاني والذي ينمو بمعدل 3% سنويا. وتشير تقارير متخصصة، أن نسبة ازدياد عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي بلغات حوالي 20% في الفترة ما بين العام 2008 و 2013، يأتي ذلك في ظل ارتفاع الطلب على خدمات الرعاية الصحية في الدولة تبعا للارتفاع الحاصل على معدلات النمو السكاني وارتفاع مستويات الدخل وزيادة أعداد المسنين. في حين فقد عمل النمو المتواصل المسجل لدى قطاع العقارات والبناء لدى الدولة والمنطقة استقطاب الكثير من العاملين، الأمر الذي شكل ضغطا إضافيا على خدمات الرعاية الطبية. في المقابل تشير البيانات الخاصة بقطاع الرعاية الصحية لدى دول مجلس التعاون إلى أن العوامل الديموغرافية والاقتصادية تدفع باتجاه زيادة الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية وبمعدل سنوي يتجاوز 11% حتى العام 2015، فيما يتوقع أن يتجاوز الإنفاق على الخدمات الطبية 79 مليار دولار حتى نهاية العام 2015، وذلك وفقا للتقرير الصادر عن مؤسسة "ارنست أند يونغ"، يأتي ذلك في ظل توفر دعم حكومي متواصل للقطاع الصحي لدى دول المنطقة واستقطاب كبير للقطاع الخاص للاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تتسم بدرجة تنوع كبيرة ومخاطر متدنية وعوائد مرتفعة وطلب متواصل. ولاحظ تقرير المزايا أن القطاع الصحي والقطاعات المساندة له أخذت بالاتساع خلال الفترة الحالية لدى كافة الدول وبتسارع ملحوظ، عكس ذلك النمو المسجل على سوق الاكتتابات والإصدارات الأولية المنفذة وتلك التي في طور التنفيذ لدى بورصات المنطقة وبشكل خاص لدى السوق السعودي والإماراتي، حيث شهدت الأسواق المذكورة إدراج الكثير من شركات التأمين ذات الاستهدافات المتنوعة، لتصل قيمة الأموال المستثمرة لدى قطاع التامين في الإمارات إلى ما يزيد عن 37 مليار درهم خلال العام 2013، ويعول على التطورات التشريعية والتنظيمية وتطوير الكيانات العاملة لزيادة تنافسية القطاع على المستوى الإقليمي والعالمي وفق أفضل الممارسات العالمية المعمول بها. يأتي ذلك كنتيجة مباشرة لاعتماد برامج التأمين الإلزامية، ويعتبر الاتجاه نحو الاكتتاب العام الحل الأمثل لكافة الأطراف للحصول على التمويل المناسب وإحداث نقلة نوعية للقطاع لزيادة رؤوس الأموال المستثمرة في القطاع وتوسيع شكل ومضمون الخدمات الصحية المقدمة، ذلك أن التوسع السريع هو السمة البارزة للقطاع الصحي لدى دول المنطقة ولابد من توفير المزيد من المصادر الاستثمارية لتعزيز القدرة على تلبية أسواقها المتنامية، يذكر هنا أن قطاع الخدمات الصحية في المنطقة يعكس ثقة متزايدة للمستثمرين الراغبين في اقتناص الفرص الاستثمارية المجدية، في ظل التطور المسجل على القطاع على مستوى القدرات الاستيعابية والكوادر البشرية والاستثمارات الحكومية التي تم إنفاقها، إلا أن القطاع لا يزال بحاجة إلى الكثير من الاستثمارات النوعية من قبل القطاع العام والخاص على حد سواء. ورصد تقرير المزايا تزايد الاهتمام بالقطاع الصحي لدى دول المنطقة، حيث تشهد دول مجلس التعاون المستوى الأعلى لوتيرة البناء والتشييد للمراكز الطبية العالمية، وتعتبر الفترة الحالية رقما قياسيا على مستوى المشاريع كما ونوعا وعلى مستوى الزخم الاستثماري منقطع النظير، حيث يجري خلال الفترة الحالية تنفيذ العديد من المشاريع الطبية النوعية على مستوى دول المجلس، حيث تعول دول المنطقة هذه المشاريع الارتقاء بالقطاع الصحي وبما يلبي التنوع السكاني والمنافسة العالمية، ويجري حاليا انشاء العديد من المشاريع النوعية على القطاع تظهر مدى الاهتمام والفرص الاستثمارية الكامنة لدى قطاع الخدمات الطبية، حيث تحتضن المملكة العربية السعودية مشاريع طبية عملاقة أهمها مشروع المدينتين الطبيتين في الرياضوجدة بتكلفة تصل إلى 6.8 مليارات دولار، والذي يعتبر الأكبر على مستوى المملكة والدول المجاورة، بالإضافة إلى مشروع مدينة الملك عبد الله الطبية في مكةالمكرمة وبتكلفة تصل إلى 1.4 مليار دولار لتصبح ثالث مدينة طبية متخصصة في المملكة، ومدينة الملك خالد الطبية في الدمام بتكلفة إجمالية تصل إلى 1.2 مليار دولار والتي تعتبر واحدة من اكبر أربعة مشاريع في القطاع الصحي في المملكة.