الدعوى الجنائية بشكل عام هي مجموعة الإجراءات التى تباشرها النيابة العامة بغرض التثبت من وقوع جريمة معينة وتحديد المتهم وأدلة الاتهام تمهيداً لتقديم الجاني للمحاكمة قضائياً، بمعنى أكثر وضوحاً تعتبر الدعوى الجنائية هي الوسيلة التي تمكّن الدولة من ممارسة حقها في معاقبة المجرمين، ولعل أكثر ما يواجه العدالة الجنائية من انتقادات في الكثير من الأنظمة العدلية في العديد من دول العالم هو تعذر الوصول إلى العدالة الناجزة لأسباب ومعوقات تختلف باختلاف الجرائم وتطور أساليبها في العصر الحديث. وكما أسلفنا فإن هنالك الكثير من الانتقادات التي توجه لنظام العدالة الجنائية بسبب تأخر الوصول للعدالة الناجزة في ظل التعقيدات التى تصاحب الكثير من الجرائم في الوقت الحاضر، وحيث إن القاعدة القانونية تلبي الحاجة القائمة فإن اللجوء إلى ما يعرف بالتصالح والتسوية الجنائية أصبح ضرورة حتمية لاختصار الكثير من سنوات التحقيق والتقاضي واستعادة الحقوق التي قد يتعذر الوصول إليها وتحصيلها بشكل أو بآخر حسب ملابسات كل قضية دون تعاون المتهمين مقابل إسقاط العقوبات السالبة للحرية في حالة إعادة الأموال إلى الخزينة العامة. وحيث إن العقوبة ليست مقصودة لذاتها وإنما شرعت لأجل التقويم والإصلاح والتهذيب، فليس هنالك مانع من أن تتخد الأنظمة القانونية شكلاً غير تقليدي لمعاقبة المتهم بهدف تحقيق المصلحة العامة مثل ما يعرف بالعقوبات البديلة، أو مثل الوصول إلى اتفاق وتسوية مع المتهمين بعدم معاقبتهم بالسجن مقابل تعاونهم في كشف ما يفيد التحقيق أو يساعد في استرداد أموال الدولة وفق شروطها التي تصب في المقام الأول لتحقيق المصلحة العامة والعدالة الناجزة، خاصة في القضايا التي يتطلب إثباتها سنوات عديدة أو كانت الأموال لدى بنوك خارجية يصعب استردادها دون تعاون المتهم، بدلاً من التعنت والاستمرار في إجراءات التقاضي التي قد تنتهى بعد مدة طويلة دون فائدة. ونخلص إلى أن اللجنة المشكلة في التحقيق في جرائم الفساد منحت صلاحيات خاصة في قضايا محددة تمشياً مع المعمول به في الكثير من الأنظمة القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة والمصلحة العامة في آن واحد، وبالجملة نعتقد أن التصالح والتسوية مع المتهمين في قضايا الفساد بهدف اختصار الكثير من سنوات التحقيق والتقاضي واستعادة الحقوق التي قد يتعذر تحصيلها دون تسوية ويحقق العدالة المطلوبة.