أثارت تعديلات يعتزم البرلمان إدخالها على قانون «الإجراءات الجنائية»، وتمنح القضاة سلطة التحقيق وتتوسع في طرح بدائل للحبس الاحتياط، اعتراضات جهات قضائية ومحامين حضروا جلسات لجنة الشؤون التشريعية في مجلس النواب على مدار الأسبوع الماضي. وتواصل اللجنة اجتماعاتها الأسبوع الحالي لمناقشة كل الاقتراحات قبل إعداد تقرير نهائي في شأن القانون لعرضه على الجلسة العامة للمجلس قبل التصويت عليه، علماً أن البرلمان سيستأنف جلساته في غضون أيام بعد انقضاء عطلته الرسمية. وقال رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان المستشار بهاء الدين أبوشقة ل «الحياة» إن الاختلاف في وجهات النظر مع القضاة والمحامين تناول ثلاثة مواضيع، هي: ما يتعلق بالحبس الاحتياط، ومنح القضاة سلطة التحقيق في إجراءات النيابة قبل إحالة القضية على المحاكمة، بالإضافة إلى إلغاء الأحكام الغيابية في قضايا الجنايات والجنح، إذ تتجه اللجنة الى اعتماد تعديلات تقضي بصدور الحكم حضورياً على المتهم حتى إن غاب عن الجلسة طالما حضر محامٍ عنه، وحال تعنت المتهم في تكليف محامٍ للدفاع عنه في محاولة لتعطيل إجراءات التقاضي، للمحكمة الحق في انتداب محامٍ يتولى الدفاع عن المتهم، ليصدر الحكم بصورة طبيعية ناجزة. ووفقاً للقانون الحالي، لا يحق للمتهم الفار ندب محامٍ للدفاع عنه أمام محاكم الجنايات، ويصدر الحكم ضده غيابياً، وفي حال توقيفه يُلزم القانون محكمة النقض قبول الطعن على الحكم الصادر ضده، وإعادة إجراءات محاكمته. وقال أبوشقة: «ما نصبو إلى تحقيقه معمول به في أحدث النظم القضائية في العالم، ليس لنا مصلحة خاصة سوى صالح المجتمع وإنهاء وضع قائم يسمح بتداول القضايا في المحاكم لسنوات، إذ لا يوجد حد معين لإعادة المحاكمات الآن، خصوصاً إذا صدر الحكم غيابياً، لذلك اقترحنا أيضاً في التعديلات اقتصار نقض الأحكام على درجتين فقط». وحسب القانون الحالي، للمحكوم الحق في الطعن على الحكم أمام محكمة النقض التي إن قبلت الطعن تحيل القضية على محكمة جنايات غير التي أصدرت الحكم. وفي حال الإدانة، للمحكوم الحق في الطعن مجدداً، وإن قبلت محكمة النقض الطعن مجدداً، تلتزم الفصل في القضية بنفسها. وحسب التعديلات المقترحة، تُختصر درجات التقاضي، لتتصدى محكمة النقض لنظر الطعون مباشرة من دون إحالتها على دوائر جنايات أخرى. وأثارت تلك التعديلات حفيظة قضاة، واعتبر رئيس محكمة جنايات القاهرة المستشار محمد شيرين فهمي في جلسة المناقشة التي عقدت في اللجنة مساء أول من أمس، أنها تصب في صالح المتهمين في مقابل التفريط في المصلحة العامة. وقال إن التعديلات لا تحقق العدالة الناجزة، ويجب أن يعاد النظر في القانون. ورداً على تخوفات تناولت منح التعديلات الجديدة فرصة للمتهمين للفرار بعد إدانتهم في حضور محاميهم، قال أبوشقة: «لا شأن للإجراءات الجنائية التي نناقشها بهدف تحقيق معادلات ناجزة وسريعة بتلك التفصيلات التي تدخل ضمن اختصاص السلطة التنفيذية في توقيف المحكومين». وتتجه تعديلات القانون أيضاً إلى التوسع في التصالح في قضايا الاستيلاء على الأموال، بما في ذلك المال العام، عبر رد المبالغ المستولى عليها بدلاً من السجن، ما أثار تحفظات البعض خلال الجلسات باعتبار هذا التعديل يفتح الطريق أمام الاستيلاء على أموال الدولة. ودافع أبوشقة عن التعديل، قائلاً: «ذلك توجه حديث يصب ضمن تغير فلسفات قانونية، فالأولى أن يسترد المجتمع أمواله من أن يتم توقيف الشخص من دون استرداد المال»، مستبعداً أن يمهد ذلك الطريق أمام سرقة مال الدولة، إذ يمر الجاني بإجراءات عدة من توقيف وحبس احتياط لبعض الوقت وإرغامه على دفع تعويضات مالية ضخمة بعد رد المبلغ المُختلس. وفي شأن الحبس الاحتياطي، تقصر التعديلات الجديدة الحبس على حالات ضبط المتهم متلبساً بارتكاب جريمة، أو خشية من فرار المتهم أو إن كان إطلاقه من شأنه الإضرار بمصلحة التحقيقات أو بهدف الوقاية إذا ما كان في إطلاق المتهم إضرار بالأمن والنظام العام، في مقابل طرح بدائل للحبس الاحتياطي تتمثل في إلزام المتهم عدم مبارحة مسكنه، أو التردد على مركز الشرطة في مواعيد محددة، أو حظر ارتياده أماكن بعينها، ومنعه كذلك من ممارسة أنشطة بعينها. وأكد المستشار أبوشقة تمسك البرلمان باختصاصاته التشريعية، مشدداً على أن اللجنة التشريعية لا تمتلك أي أجندات سابقة وإلا ما عقدت جلسات استماع مطولة تقصت فيها آراء كل المختصين، لكن القرار في النهاية للجنة، ثم مجلس النواب عند عرض مشروع القانون عليه قريباً، وحال الموافقة سيتم إرساله إلى رئيس الجمهورية للتصديق.