تطرق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أجراها الكاتب الأميركي توماس فريدمان، إلى العديد من الملفات المهمة والحساسة التي تمس أمن المملكة وأمن المنطقة ودول الجوار وكذلك التطلعات للمستقبل، وأثار حديث سمو ولي العهد ردود فعل واسعة على مواقع الصحف ووكالات الأنباء الإقليمية والعالمية التي حرصت على إبراز تصريحاته خصوصاً فيما يتعلق بالتوسع الإيراني في المنطقة، وتشبيه خامنئي بأنه "هتلر الشرق الأوسط الجديد"، وهو التشبيه الذي دعا للتركيز من جديد على مشروعات إيران للهيمنة على المنطقة وجرائمها في لبنان وسورية، والعراق، واليمن. وقال محمود كمال، المدير المساعد للمركز الدولي العربي الأفريقي للدراسات، إن هذا الحديث من ولي العهد موضوعي جداً، وجميع النقاط التي تحدث عنها مهمة جداً ولا تهم الأمن القومي السعودي فقط بل تهم الأمن القومي العربي، فالثورة على الفساد في المملكة كانت متأخرة ولكنها كانت واجبة، وأرى أن المملكة تسير الآن بخطى ثابتة نحو الاستقرار لأن أي دولة إذا أرادت تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في العالم لا بد أن تحارب الفساد، وبالنسبة للأشخاص الموقوفين فمنهم من تخطت ثروته ميزانية دولة، وعندما يكون فرد ثروته تتعدى ميزانية دولة فإذن الفساد هنا واضح، وقصة الشائعات التي قالت إنهم كانوا يضايقون السلطة في المملكة غير مقبولة، فكان هناك فساد مالي واضح، وأعتقد أن نفس الأمر سيحدث في مصر وستكون هناك ثورة قادمة على رجال الأعمال في مصر بعد انتخابات الرئاسة المقبلة. أما النقطة المتعلقة بميليشيات حزب الله، فقال كمال إن سعد الحريري بالفعل نزع الغطاء الشرعي عن الميليشيا الإرهابية لحزب الله وهي ميليشيا خطيرة في المنطقة وبعيدة عن الإسلام ويقوم تمويلها على الدعارة والمخدرات مثل اقتصاد دولة إيران، وحزب الله ليست حركة مقاومة فهي لم تحرر فلسطين هي في الحقيقة أحد أذرع إيران في المنطقة التي لا بد من قطعها، فهم من وقفوا وراء استهداف المساجد في المملكة وهم من وقفوا أيضاً وراء تفجيرات الجمعة في أحد مساجد سيناء، وهي من تقف وراء أغلب العمليات الإرهابية في المنطقة. وأكد كمال أن حديث الأمير محمد بن سلمان عن خامنئي ووصفه ب"هتلر الشرق الأوسط" صحيح جداً، لأن خامنئي يقف وراء أكثر المشكلات في المنطقة، وهو من يقود ميليشيات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وهو زعيم الإرهاب في العالم ولا بد من محاكمته وتحويله هو وتميم إلى الجنائية الدولية بتهمة دعم الإرهاب في المنطقة. وأشار اللواء جمال مظلوم، الوكيل السابق لكلية العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والمدير السابق لمركز دراسات القوات المسلحة المصرية، إلى أن الأمير محمد بن سلمان له جهد كبير في مواجهة الإرهاب بكافة السبل سواء كان إقليمياً أو دولياً، والمملكة لها دور كبير في هذا الموضوع، وأنشأت مركزاً عالمياً في مكافحة الإرهاب، واستضافت أيضاً الاجتماع الموسع الذي حضره ترمب والدول الإسلامية. وشدد مظلوم على أن خامنئي يتوسع ويمتد مثل هتلر تماماً، واليوم إيران تتباهى بأنها مهيمنة على خمس عواصم عربية في الوقت الحاضر، وهذه لطمة كبيرة للدول العربية ككل، وللأسف الشديد هذه الدول مرمية في حضن إيران، وإيران تتطلع لأكثر من ذلك، وأعتقد أن تشبيه خامنئي بهتلر تشبيه جيد. ولفت مظلوم إلى أن حديث الأمير محمد بن سلمان عن حملة مكافحة الفساد والأرقام المعلنة توضح أنه كان على حق، بدليل أن المحتجزين رضخوا، وهذه خطوة جيدة في مكافحة الفساد لدولة كبيرة مثل السعودية. وقال مظلوم إن الأمير محمد بن سلمان عندما صرح بأن الحريري المسلم السني لن يستمر في توفير غطاء سياسي للحكومة اللبنانية التي تخضع لسيطرة حزب الله الذي يخضع لطهران، هذا كلام مضبوط لأن الحكومة بها ممثلون لحزب الله ونرى ما يفعلونه في سورية والعراق واليمن وتهديدهم للاستقرار في المنطقة. وعن تطلعات محمد بن سلمان للمستقبل، قال مظلوم إنه يبني دولة حضارية متحررة إسلامية معتدلة، والدولة كلها تحبه وتحترمه في قراراته وهو مع ود مع الدول العربية، وأعتقد أنه يقود المملكة إلى مكانة إقليمية ودولية كبيرة تستحقها المملكة العربية السعودية. أما مختار غباشي، نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، فقد أكد أنه لا شك أن الأمير محمد بن سلمان صاحب رؤية لآليات حكم الفترة في هذه الفترة والفترة القادمة، وهو قائد مرحلة التجديد امتداداً لحكم الملك سلمان، وهو بدرجة أو بأخرى له رؤية في طريقة تعاطي المملكة مع الكثير جداً من الأحداث وواضح صرامته فيها وعلى سبيل المثال الموقف في لبنان له تعقيب ورؤية واضحة فيما هو مرتبط بغطاء سياسي قد يكون لحزب الله داخل الساحة اللبنانية فتتيح له الخروج خارج إطار الدولة اللبنانية في اليمن وسورية والعراق بصرف النظر عن إنكار حزب الله ذاته لهذا الأمر، لكن حديث الأمير محمد بن سلمان يعطي إيحاء أن هناك رؤية سعودية مهمة مع مسألة استقالة سعد الحريري. ويرى غباشي أن الأمير محمد بن سلمان هو صاحب إدارة هذه المرحلة من عمر المملكة برؤية مختلفة وطريقة تعاطٍ لم نألفها داخل المملكة، إذا كان في ملف الفساد أو ملف التعاطي مع الإسلام المتشدد أو إعطاء المرأة بعضاً من الحقوق المرتبطة بها وكذلك طريقة تعاطيه مع الملفات الإقليمية والدولية، ومن الواضح أن المملكة لها رؤية في النزاع العربي الإسرائيلي ورؤية في الملفات المهمة مثل ملف العراق، حتى في ظل الأمور المرتبطة باستقالة سعد الحريري رأينا زيارة القطب الماروني اللبناني وهذه زيارة فريدة من نوعها، فهناك عملية تجديد وشكل معين من الرؤية والإدارة للمملكة العربية السعودية الكثير من المراقبين غير معتادين عليها منذ بداية نشأة المملكة. وأكد غباشي أن هتلر وخامنئي اشتركا في صفة الهيمنة، فالامتداد النازي والغزو الذي قاده هتلر يتشابه مع التمدد الإيراني المخيف في العالم العربي، لأن هذا التمدد يأتي من خلال أجنحة وليس اتفاقات دولية، الموضوع يكون عبارة عن أجنحة من داخل الدولة ذاتها بمعنى أنه يكون جزء من داخل الدولة ولاءها شديداً لإيران كما نرى "الحوثيين داخل اليمن، حزب الله داخل لبنان، الحشد الشعبي وميليشياته داخل العراق، الحرس الثوري في سورية"، وحتى بعد اعتبار حزب الله جماعة إرهابية بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب، خرج وزير الدفاع الإيراني بحديث قاسٍ في هذه المسألة وقال إن العراق أصبح جزءاً من الدولة الفارسية وإن السيطرة على لبنان أمر منتهٍ. وأيد اللواء عبدالرافع درويش، رئيس حزب فرسان مصر، الخطوات الإصلاحية للأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن عودة 100 مليار دولار إلى خزينة الدولة السعودية سيساهم في إعادة بناء أشياء كثيرة جداً، وهذه ضربة قاضية لكن من تسول له نفسه بأن يتلاعب بالاقتصاد السعودي، وفي نفس الوقت أنا معه قلباً وقالباً ضد الزحف الإيراني لأن الإيرانيين قالوا "لن نبقي على واحد من السنة على وجه الأرض" وبالتالي هم ضد الدين والسنة، كما قال أحد مشايخهم إنه سيخطب العام المقبل من الكعبة والكعبة لهم وهذا معناه أنهم يتعاملون مع بيت الله كأنه ميراث سيمتلكوه أو يأخذوه بالقوة. وأضاف درويش: "أؤيد الأمير محمد بن سلمان في إعادة فهم الدين الصحيح، ونرجوه أن يطبقه بالتعاون مع الأزهر ولا يسمح بالفتاوى لأي شخص يخرج عن القرآن والسنة، زرت السعودية كثيراً وتبحرت داخل الشعب السعودي، وأرى أن الأمير محمد بن سلمان صحح المسار في السعودية وأؤيد تطلعاته للمستقبل". أما عن محاربة إيران، فقال درويش إن الأمير محمد بن سلمان عليه التوجه بعمل جيش عربي موحد، وتوضيح خطورة الموقف الإيراني لجميع الدول حتى تدخل في هذا الجيش الموحد لإيقاف إيران عند حدها، فليس من المقبول أبداً أن يستهدف صاروخ باليستي العاصمة الرياض، وإذا كانت إيران لن ترضخ بالسياسة والكلام فعلينا أن نقيم الحد عليها بتوحيد جيش عربي ومحاربتها فوراً. وعن عدم التطرق إلى الأزمة القطرية خلال حوار سمو ولي العهد مع صحيفة "نيويورك تايمز" قال درويش إن قطر ليس لها قيمة والمهم في القضية هو من يمولها ويساعدها في الوقوف على قدميها. وأشار درويش في تصريحات ل"الرياض" أنه يتفق مع وصف خامنئي ب"هتلر الشرق الأوسط الجديد"، لأن هتلر كان يعيش في دولته ألمانيا دون عداء لأي شخص ثم جاء له حلم أن يقود أوروبا بالحرب، ونفس الوضع والأطماع بالنسبة للدولة الفارسية للهيمنة على المنطقة والسيطرة على الشرق الأوسط بالحرب.