في ظل الصراع الخارجي مع الآخر واستهداف المملكة من كل صوب, نحن أحوج ما نكون في الداخل يداً واحدة, ومن هذا المنطلق يجب التخلي عن الاحتكام إلى الفروقات الهشة والتي أدت بنا إلى الفرقة والكراهية, فعندما نتفرق نضعف ويسود عدونا, نعيب بعضنا بمذهبه, وتوجهه ليبرالي أو علماني وغيره, وننبذه لفكرة..!! السؤال أين مرتكزات العقل؟ وأين المتعلمون؟ وماهو دور المثقف؟ العالم يتقدم ويشكل تكتلات علمية وفكرية ونحن نقاتل أفكارنا المتعصبة حد الرجعية, وعندما يخلو بلدنا من قوة الثقافة والفكر حتماً سينمو الإرهاب والتعصب والنبذ, والآن هو دور المثقف الفكري في التحليل والقراءة وصناعة الوعي الثقافي, ورسم خارطة المستقبل التي يتمنى أن يكون عليها مجتمعه دون تحيز أو مبالغة بل آراء مبنية على دراسات ميدانية حقيقية, فكيف يمكن أن نغير الواقع دون تحليله وفهمه واستقرائه والوصول للإنسان العادي, فلا يجب أن ينخرط المثقف في أمور لا يفقه فيها شيئاً, وغير متمكن منها, بل يجب أن يمارس دورة الحقيقي في صناعة الرأي المحايد حسب خبرته وبعيداً عن المحسوبيات والسلطة, فلابد أن يكون الواقع السعودي مادة أولية للاشتغال بها وإعادة تشكيل كل ما حولنا, فنحن لا نرغب بواقع متشظٍ ومزيف, وخواء الفكر وبؤس الرؤية تعقّد الواقع ولا تستشرف المستقبل, والقراءات السطحية لا تثمر إلا السطحية, نريد الفعل الفكري للمثقف لا التنديد والشجب وكتابة بيانات, نريد مشروعات فكرية تؤسس لواقع قوي واضح وتستشرف المستقبل الغامض لدينا وتنشر الوعي وتصل للإنسان العادي. والرهان اليوم هو في تفقد ضمير الواقع وتسهيل الطرق أمام التفاهم والتوازن في الطرح والحوار المثمر, فنحن لازلنا نتحسس ذاتنا المسروقة ونبحث عنها بين طيات الوعي والحقيقة, ويجب أن يتعامل كل منا مع إنتاجه أياً كان بكل صدق وبكل جمال وفن وذوق فقيمتها ستنعكس على كل شيء حولنا, حمل الرسالة لا تقتصر على المثقفين فقط بل هي عامة لكل من يريد أن يعيش حياة كريمة يسودها الأمان والتعايش مع كل أطياف العقول والمذاهب.. يجب أن لا ننسى أننا جميعاً في سفينة واحدة وأي خلل في أي جزء منها سوف يؤدي إلى إغراقنا جميعاً..!! فلنترفق بأنفسنا ولنفكر بمستقبلنا الذي نسيناه على قارعة طريق التعصب والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: كيف يمكن أن نستثمر ما يحدث حولنا الآن في صالحنا على مستوى الأفراد والمجتمع؟.