الآن وبعد أن انتهت أحداث الدالوة.. ماذا بعد؟ لا يخفى علينا أن المشهد الإنساني الذي حصل كان في غاية الروعة، وغير مستغرب على الأطلاق في المملكة لكن مادمنا بهذا الجمال في هذا الوقت لماذا لا نستمر هكذا؟ في ظل الصراع الخارجي مع داعش وغيرها ممن شوهوا الإسلام وانتقصوا من قدره، نحن أحوج ما نكون في الداخل يداً واحدة، ويجب التخلي عن الاحتكام إلى الفروقات الهشة والتي أدت إلى الفرقة والكراهية، وعندما نتفرق نضعف ويسود عدونا، نعيب بعضنا بمذهبة، وتوجهه ليبرالي أو علماني وغيره، وننبذه لفكرة أين مرتكزات العقل؟ العالم يتقدم ويشكل تكتلات علمية وفكرية ونحن نقاتل أفكارنا المتعصبة حد الرجعية، وعندما يخلو بلدنا من قوة الثقافة والفكر حتماً سينمو الإرهاب والتعصب والنبذ، والآن هو دور المثقف الفكري في التحليل والقراءة، كيف يمكن أن نغير الواقع دون تحليله وفهمه واستقرائه، فلا يجب أن ينخرط المثقف في أمور لا يفقه فيها وغير متمكن منها، بل يجب أن يمارس دوره الحقيقي في صناعة الرأي المحايد بعيداً عن المحسوبيات والسلطة، فلابد أن يكون الواقع السعودي مادة أولية للاشتغال بها وإعادة تشكيل كل ما حولنا، فنحن لا نرغب بواقع متشظ ومزيف، وخواء الفكر وبؤس الرؤية تعقّد الواقع ولا تستشرف المستقبل، والقراءات السطحية لا تثمر إلا السطحية، نريد الفعل الفكري للمثقف لا التنديد والشجب وكتابة بيانات، نريد مشاريع فكرية تؤسس لواقع قوي واضح وتستشرف المستقبل الغامض لدينا. والرهان اليوم هو في تفقد ضمير الواقع وتسهيل الطرق أمام التفاهم والتوازن في الطرح والحوار المثمر، فنحن لازلنا نتحسس ذاتنا المسروقة ونبحث عنها بين طيات الوعي والحقيقة، ويجب أن يتعامل كل منا مع إنتاجه أياً كان بكل صدق وبكل جمال وفن وذوق فقيمتها ستنعكس على كل شيء حولنا، حمل الرسالة لا تقتصر على المثقفين فقط بل هي عامة لكل من يريد أن يعيش حياة كريمة يسودها الأمان والتعايش مع كل أطياف العقول والمذاهب. يجب أن لا ننسى أننا جميعاً في سفينة واحدة وأي خلل في أي جزء منها سوف يؤدي إلى إغراقنا جميعاً..! فلنترفق بأنفسنا ولنفكر بمستقبلنا الذي نسيناه على قارعة طريق التعصب، والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو:كيف يمكن أن نستثمر ما حدث في صالحنا على مستوى الأفراد والمجتمع ؟ *مناظر شفافة من الوطن: - غابت الأيديولوجية وحضر المواطن النقي. - طوبى لتلك الزهرات التي ماتت وخلفت كل المزيد من هذا التلاحم.