يبدو أن زعيم عصابة حزب الله في لبنان حسن نصر الله استوعب أخيراً أن العالم قد تغيّر وأن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من الصبر على سلوك من يحركونه في إيران، وبالتالي تلاشي مساحة لغة التهديد والمغامرات أمامه لمصادرة القرار اللبناني والسعي إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة. نصر الله ليس أكثر من آلة كذب تملأ الفضاء بالخرافات لتبرير ما يمارسه وحزبه من جرائم في حق لبنان وسورية وغيرها من الدول التي اكتوت بنيران الوكيل الأول للولي الفقيه في العالم العربي. مشروع حزب الله في لبنان لم يكن يوماً مشروعاً وطنياً ولا قومياً بل كان مجرد خنجر في خاصرة العرب لإخضاعهم للجار الشرقي الذي يحاول لعب دور البطولة في المنطقة مستبيحاً حدودها ومقدراتها وقرارها، فكان تغلغله في لبنان وسيطرته على قراراته السيادية بمنطق فرض الواقع بقوة السلاح منطلقاً لدور إقليمي تجاوز الحدود وصولاً إلى التخطيط وتدريب الكوادر البشرية وتقديم الدعم اللوجستي لعملاء إيران في البحرين واليمن. عندما تباهى خامنئي وزبانيته بسقوط أربع عواصم عربية من بينها بيروت لم يبكِ نصر الله ومن أرهبهم بسلاحه على انتهاك سيادة الدولة اللبنانية التي عاشت وفق الوضع المفروض عليها ظروفاً صعبة بين مشاركة مليشيات حزب الضاحية في المذابح التي يرتكبها النظام الدموي في دمشق بحق أبناء الشعب السوري، وكذلك إدارة الحزب للعمليات الإرهابية في المحيط العربي. استقالة سعد الحريري من منصب رئيس الوزراء زلزلت الأرض تحت أقدام من كانت مصالحهم تتحقق في لبنان كدولة تضم جيشين ويُرفع على أرضها علمان وخطاب سياسي واحد لا بد أن يمهر بختم الضاحية ليصبح شرعياً رغماً عن أنف أغلبية اللبنانيين الذين يتحسرون على تحول بلادهم إلى مجرد صفحة في أجندة إيرانية بامتياز. سعد الحريري ترجل عن السلطة ووضع الأمور في نصابها الصحيح فأشار إلى عبث إيران ببلاده بواسطة وكيلها حسن نصر الله، وتحدث عن الواقع الذي فرضه حزب الله بقوة السلاح على لبنان، ووضع الكرة في مرمى النخب السياسية في البلاد ليتحركوا إن أرادوا إما في طريق استعادة السيادة وتغليب مصلحة الوطن أو البقاء في الوضع الحالي الذي توجه فيه بندقية الحزب إلى صدور اللبنانيين وأشقائهم في الدول العربية.