يظن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن القوى الوطنية في لبنان ترهن المشاركة في الحكومة اللبنانية الجديدة بانسحابه من الأراضي السورية، لكن الأمر ليس كذلك؛ فاحتجاج اللبنانيين ليس مقتصراً على وجود مقاتلي حزب الله في سوريا، وإنما أيضاً على اختطافه الدولة اللبنانية بقوة السلاح وبإصراره على التغريد خارج السرب الوطني بدعوى الحفاظ على الخط المقاوم. إن انسحاب مليشيا حزب الله من الصراع في سوريا لا يعني أن كل شيء بات على ما يرام، سيظل سلاح الحزب شوكةً في خاصرة لبنان ومهدداً لأمنه ولُحمَته. ينسى نصر الله أن اللبنانيين بدأوا في الاكتواء بتدخله في الصراع السوري وباشتباكه «سياسياً» مع ما يجري هناك حتى قبل أن يتدخل «عسكرياً»، لكن لبنان لا ينسى من أقحمه في نزاعٍ خارج حدوده بقرارٍ فردي أضره طيلة عامين ويزيد. لقد كان المطلعون على طبيعة القتال في سوريا وعلى تركيبة المقاتلين على علمٍ تام بأن حزب الله أرسل مقاتليه لمعاونة الأسد في القمع قبل أن يعلن نصر الله ذلك رسمياً، حيث كانت الجنائز تفضحه. إن حزب الله يصر على إفساد الحياة السياسية في لبنان، ويلقي باللوم على معارضيه، وينتظر أن يقضي بشار الأسد على الثورة ضده؛ ليتحول الحزب إلى الطرف المنتصر لبنانياً، وبالتالي يتفاوض من هذا الموقع ويفرض شروطه على الفصائل اللبنانية الأخرى، وينسى حسن نصر الله أن هذه الخطة جرى تجربتها سابقاً ولم تنجح، وأن المنتصر اليوم قد يتحول إلى مهزوم في الغد. والحل أن يُفتَح ملف سلاح حزب الله، الذي لطالما تضرر اللبنانيون من عدم معالجته، دون النظر لأي اعتبارات لا تضع المصلحة الوطنية في المرتبة الأولى، لا ينبغي أن يظل القرار السياسي في بيروت رهينة مشروع حزب الله الذي ينتهك السيادة اللبنانية في مشهدٍ عبثي لا تخطئه عين.