وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ضربة موجعة للفساد الإداري والاختلاسات المتلاحقة التي عاشتها المملكة على مدى سنوات طويلة، رغم المحاولات المتوالية للتصدي لها إلا أنها عجزت في نهاية الأمر، ويعرف الفساد الإداري بأنه استغلال منصب ما، من أجل القيام بأعمال وخدمات لمجموعة من الأشخاص، بشرط الحصول على مقابل مادي لذلك، كما يُعرف بأنه الاستخدام السيّئ للوظيفة، وعدم تطبيقها بأسلوب مناسب، ولا يعتمد الفساد الإداري على وظيفة معيّنة، بل على طبيعة الشخص الذي يقبل الحافز نحو الفساد، ويرتبط عادةً بقبول الرشوة، لإتمام عمل ما دون وجه حق، بالاحتيال على قوانين العمل من أجل تمرير شيء ما، يحقق مصلحة لفرد، أو مجموعة من الأفراد، على حساب أفراد آخرين. هذا المرض الذي انتشر وتغلغل في معظم الوزارات والدوائر الحكومية، كان بحاجة إلى رجل حازم، وفارس يكون اليد التي تبطش به وتقضي عليه، فتحققت هذه المعادلة في خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، فأصبح الحلم حقيقة. 30 دقيقة وسجلت اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي أمر بتأسيسها خادم الحرمين الشريفين برئاسة ولي العهد، رقماً قياسياً على مستوى العالم في إنجاز مهامها، حيث استغرقت 30 دقيقة بين تأسيسها واستدعاء مجموعة كبيرة ونافذة في الدولة للتحقيق معهم في قضايا فساد ورشاوى وغسيل أموال، واستطاعت مع هذه البداية القوية أن تكسب ثقة المواطنين واحترامهم، الذين تفاجؤوا بهذه السرعة الكبيرة في آداء مهامها، وزادت دهشتهم من أهمية الأشخاص المستدعين. ردود أفعال عالمية ولم تقتصر ردود الأفعال على هذا الإنجاز على المستوى المحلي، بل تعدته إلى المستويين الإقليمي والعالمي، حيث أكد الكثير من المسؤولين والمتخصصين في الدول العربية، أهمية هذا التوجه وآثاره الإيجابية على المديين القصير والطويل، فيما عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن ثقته في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، مؤكداً أنهما يعرفان ما يفعلانه، كما رحبت منظمات دولية بهذه الخطوة في طريق مكافحة الفساد. صفات الفساد الإداري للفساد الإداري عدة صفات، ومنها: عدم احترام قانون العمل، وعدم التقيد بالواجب الوظيفيّ، يشمل الفساد الإداري الموظف، والشخص الذي يسعى لتحقيق شيء ما عن طريق الفساد، وتتم خطوات الفساد الإداري بشكل سريّ، يعتمد على منفعة متبادلة بين الأطراف، وللفساد الإداري أنواع تؤثر في بيئة العمل التي تحدث فيها، ومنها: الفساد المالي الذي يعد أكثر أنواع الفساد الإداري انتشاراً، إذ يحصل فيه الموظف على مبلغ مالي مقابل الخدمة التي قدّمها لشخص ما، ومن الأمثلة عليه: عدم التقيد بالأحكام، والقواعد القانونيّة المالية، والتقصير في العمل، الذي يسبب تضييع مبلغ مالي عام، والعبث بالحقوق المالية للأفراد، من أجل تحقيق رضا بعض الأشخاص الذين يطلبون ذلك. الفساد التنظيمي، وهو مجموعة الأخطاء التي تصدر عن الموظف أثناء أدائه لعمله، ومن الأمثلة عليه: عدم الأمانة في تطبيق العمل، وغياب التعاون بين الموظفين، وعدم الالتزام بمواعيد الدوام الرسمي، وينتج عن الفساد الإداري انتشار الواسطة كوسيلة لحصول الأشخاص على حقوق ليست لهم، وتفضيل المصلحة الشخصية على مصلحة العمل، والتأخير بإنجاز المعاملات، والوثائق الخاصة بالأفراد، وتأجيل العمل عليها. آثار الفساد إن الأسباب الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لظاهرة الفساد يمكن لها أن تؤثر اقتصادياً على المجتمع بعدة جوانب منها أنه يساهم في تدني كفاءة الاستثمار العام وأضعاف مستوى الجودة في البنية التحية العامة بسبب الرشاوى التي تحد من الموارد المخصصة للاستثمار وتسيء توجيهها أو تزيد من كلفتها، كما أن للفساد أثر مباشر في حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبي، فقد أثبتت الدراسات أن الفساد يضعف هذه التدفقات الاستثمارية وقد يعطلها مما يمكن أن يسهم في تراجع مؤشرات التنمية البشرية خاصةً فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة. ومن التأثيرات الاقتصادية للفساد، ضعف الاستثمار الداخلي والخارجي وهروب الأموال خارج البلد وقلة فرص العمل وزيادة البطالة والفقر وضياع أموال الدولة التي كان من الأجدر استثمارها في مشروعات تخدم المواطنين، ويؤدي الفساد إلى إحلال المصالح الشخصية بدل المصالح العامة وإلى زيادة الصراعات والخلافات في جهاز الدولة لتحقيق المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، إضافة إلى تكييف وسائل الإعلام المختلفة ضمن المتطلبات الخاصة للمفسدين وجعل أجهزة الإعلام بعيدة عن دورها في التوعية ومحاربة الفساد. حلول الفساد ومن الحلول التي تساعد على تجنب الفساد الإداري، تطبيق عقوبات قانونيّة صارمة على كل شخص يعتمد على الفساد في عمله، وحرص إدارات المؤسسات والشركات على توفير وسائل الرقابة الدائمة على الموظفين، وعقد دورات تدريبيّة، وتأهيلية تساهم في تعريف الموظفين بالفساد الإداري والنتائج المترتبة عليه، والاعتماد على أسلوب الحوار الفعال بين الموظفين، والقيادات من خلال السماع لآرائهم، والمشكلات التي تواجههم في العمل.