جاءت الأوامر الملكية الكريمة كالعادة وهي تحمل رؤية ملكية ثاقبة من ملك الحزم والعزم، كما تضمنت العديد من المضامين العميقة التي تصب في نهاية المطاف لمصلحة الوطن والمواطن، ومن تلك الأوامر التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله - تشكيل لجنة عليا برئاسة سمو ولي العهد لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام والتحقيق فيها، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكذلك كشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، واتخاذ الإجراءات الاحترازية حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال، واتخاذ كل ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام من الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة. وبهذا الصدد يؤكد المستشار القانوني د. عبدالله بن محمد مطر على أن الأمر الملكي يثبت إصرار الإرادة الملكية الكريمة على اجتثاث الفساد والمفسدين كائناً من كان، ولن ينجو من تلك القضايا أي شخص مهما كان. وأضاف: نحن أمام ملحمة وطنية تاريخية لقيادة رشيدة أخذت على عاتقها اجتثاث هذا الداء الفتاك لحماية هذا الوطن وأبنائه، ولن يفلت من الحساب والعقاب أي شخص كما ذكر سمو ولي العهد، ومن تلطخت يداه بقضايا فساد وهدر للمال العام وغير ذلك، ولم يكن على قدر من المسؤولية لتحمل الأمانة، فلا بد من أن تتم معاقبته بأشد العقوبات وأكثرها غلظة مع ضرورة التشهير به ليكون عبرة لغيره، لأن تلك الأفعال والتصرفات تضر بالوطن والمواطن والأجيال القادمة، وليس مجرد تصرف لحظي وينتهي. وأشار المستشار القانوني إلى أن الإرادة الملكية الكريمة اليوم وكعادتها انتصرت للوطن والمواطن من هؤلاء المفسدين الأشرار، والتي تصب في نهاية المطاف لمصلحة وخير الوطن على أسس العدل والمساواة دون تفريق أو تمييز. ويؤكد الباحث الأكاديمي المتخصص في القضايا الاجتماعية خالد الدوس على أن قرار خادم الحرمين – حفظه الله - كان حكيماً، وخطوة حضارية تأتي في سياق مكافحة الفساد لأنه يشكل في واقعنا المعاصر أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية بما فيها مجتمعنا السعودي، في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها عالمنا اليوم. مشدداً على أن وباء الفساد يعيق حركة التغيير والتطور، ويهدد البناء الاجتماعي ووظائفه الاقتصادية والثقافية والتربوية والسياسية والأمنية، وقال: الفساد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ولا سبيل للتطوير والتنمية المجتمعية إلا باجتثاث جذور الفساد ومحاصرته الذي يشكل أخطبوطاً يجثم على صدر البناء الاجتماعي، ويخنق حركته التنموية كون هذه الظاهرة العالمية المعقدة والمركبة التي تنوعت أشكالها وتعددت مظاهرها تمثل سلوكاً إنسانياً شاذاً وفعلاً قبيحاً تحركه المصلحة الذاتية والمنافع الخاصة، ولذا فإن الأمر بات يحتاج إلى مثل هذه القرارات العلاجية الناجحة، واتخاذ الإجراءات الضرورية للوقاية منه حتى جاء القرار الكريم بإبعاده العلاجية وآثاره الإيجابية، وأهدافه التنظيمية الرامية إلى تطبيق كافة الإحكام التشريعية المضادة للفساد بكافة أنواعه. ونوه المستشار السابق د. سعود بن صالح المصيبيح إلى أن صدور هذا الأمر الملكي الكريم ثم التطبيق الفوري بإيقاف عدد من الأسماء المتورطة في قضايا الفساد يأتي في إطار الوعد الحازم من ولي العهد الأمين الذي ذكر في أكثر من مرة بأنه لن ينجو أي فاسد سواء أكان أميراً أم وزيراً كائناً من كان من باب العدل والحزم للقضاء على الفساد ومحاربته وتتبعه. وحث المصيبيح المواطنين على التفاعل مع الأمر الملكي وتقديم ما لديهم من معلومات وإثباتات إلى اللجنة العليا من أجل تطوير الوطن الذي لا يبنى ولا ينهض إلا بمحاربة الفساد والقضاء عليه. د. سعود المصيبيح خالد الدوس