أظن أنه من النادر أن يذهب مواطن سعودي للتسوق -وبالذات في حالة المواد الغذائية- ويخرج من المحل وقد اشترى فقط ما ذهب لشرائه. إذ العادة أن يخرج وقد امتلأت العربة بأصناف عدة منها ما يحتاج ومالا يحتاج. ولو أن ذلك المواطن اقتصر على شراء ما يحتاجه فقط، وادخر قيمة الأشياء الأخرى لمستقبل أيامه، لكان خيراً له، حيث تفادى الإسراف هنا من ناحية، وتدرب على الادخار من ناحية ثانية، ونفع اقتصاد بلده من جهة ثالثة، حيث ستقل بذلك الأسلوب فاتورة الاستيراد. لهذا السبب وأسباب أخرى، انطلقت حملة التوفير والادخار، والتي دشن انطلاقتها صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض، الأمير فيصل بن بندر، يوم الثلاثاء الماضي، ونظمتها اللجنة النسائية للتنمية المجتمعية بمنطقة الرياض بالشراكة مع جمعية ريادة الأعمال والمدينة الجامعية للطالبات بجامعة الملك سعود، تهدف هذه الحملة إلى رفع مستوى الوعي لدى الأسر السعودية بأهمية التوفير ونشر ثقافة الادخار لدى المجتمع، وتعزيز دور الأسرة في المساهمة في الاقتصاد الوطني. للأسف الشديد أن ثقافة الادخار من الأشياء شبه الغائبة في مجتمعنا، بالرغم من ارتباطها بديننا الإسلامي، وموروثنا الثقافي، ونتيجة لذلك الغياب تحول مجتمعنا إلى مجتمع استهلاكي يشتري أكثر من حاجته ويصرف أعلى من دخله، والنتيجة أن يعيش المواطن وأسرته عيشة مرتبكة، ويتحمل الاقتصاد فاتورة استيراد عالية، إذ أصبحنا بسبب ذلك، الشريك الاقتصادي للكثير من الدول، ولولا صادراتنا من النفط لكانت كفة العلاقة التجارية أو ما يسمى الميزان التجاري، يميل لكافة الدول التي نتعامل معها. إن هذه الحملة تستحق الدعم والتشجيع لتحقيق أهدافها، والتي ستنعكس على الفرد والمجتمع السعودي بالفائدة والخير الكثير، وليت هذه الحملة لا تقتصر فقط على أهدافها التي أعلنتها، ولكن تمتد لتشمل التوعية بخطورة الكثير من ممارساتنا الاستهلاكية والإسرافية الخاطئة، إذ لو نجحنا فقط في تغيير بعض عاداتنا، وبالذات في الاستهلاك الغذائي والولائم والمناسبات، وادخرنا بعض ما ننفقه، إسرافا عليها، لكفانا ذلك لتحقيق منافع ادخار عالية. :وقفة يقال إن الملياردير العالمي وارن بفت يوصي بادخار ثلث الدخل واستثمار الثلث الثاني، واستهلاك الثلث الأخير، ولكن يبدو أن شاعرنا الشعبي بن مقرن سبقه بسنوات حيث قال: ودك إلا منك بلغت الثلاثين.. تبدأ تجمع خزنة للعواده ثلث المكده حطها في بعارين.. والثلث خرج منه واضبط حسابه والثلث الآخر حط دون كوالين.. يجري على المخلوق شن ما هقا به توزيع رائع بين الاستهلاك والادخار والاستثمار، حتى ولو لم تستقم مفردة "العواده" مع قافية القصيدة، وكم تمنيت أنه قال (ودك قبل ما يوصل العمر عشرين) إذ أن الثلاثين متأخرة للتدريب على الادخار، ولكن يبدو أن لكل مجتمع ظروفه.