قال السفير محمد مرسي، آخر سفير لمصر في الدوحة قبل قطع العلاقات معها، إن الجماعات المتطرفة التي لها علاقات بالدوحة في حالة تزاوج الآن مع النظام القطري، لأنها تستفيد من الأزمة وتتحرك بأريحية كاملة داخل قطر وتتلقى دعما، وأعتقد أنها أحد الأسباب الرئيسية في تعقيد الأزمة. وأوضح مرسي في حوار ل»الرياض» أن سحب الجنسية هو سلاح سبق أن استخدمته قطر في عام 1996 عندما انقلب الأمير حمد على والده، وسحبت الدوحة الجنسية من قبائل ال مره، وبالتالي هذه وسيلة تستخدمها قطر لضمان ولاء القطريين ولعقاب من يخرج منهم. وإلى نص الحوار: نظام الدوحة في حالة تزاوج مع الجماعات المتطرفة.. وادعاؤه المظلومية لم يجد صدى دولياً * في إطار الحملات الإعلامية التي تقودها قطر جرى تسريب معلومة مفبركة أن حرباً عالمية كانت ستحركها الدوحة لو أنها تعرضت لغزو من قبل بعض الدول الخليجية.. ما تعليقك على ذلك؟ * لا أعير ذلك اهتماما، لأنه يدخل في إطار الحملات الإعلامية الموجهة غير المبنية على أي أساس مقنع، قطر بالأساس دولة صغيرة الحجم قليلة السكان وبإمكانياتها المادية لا تستطيع شن الحروب، تستطيع أن تساعد وتدعم الحروب فقط، لأن الحرب لها شروط وتوازنات، حتى القوى العظمى عندما تقرر خوض حرب تدرس الأمر جيدا، فما بالك بدولة إمكانياتها محدودة. * بعد مغادرة تميم نيويورك واختفائه ليومين في جهة غير معلومة.. هناك أنباء أكدت زيارته تل أبيب قبل العودة للدوحة، كيف تقرأ ما يحدث؟ * هناك اتصالات قطرية إسرائيلية تتم عبر قنوات متعددة منذ سنوات طويلة، ومستمرة إلى الآن ولم تنقطع، وربما هذا الذي دفع إلى التكهن بأن اختفاء تميم كان في إسرائيل. أمير قطر اتخذ قرارا منذ اللحظات الأولى بالمواجهة والتحدي وعدم التجاوب مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وبالتالي جميع تحركاته تنطلق من هذا القرار. * هل ترى فرصة لنجاح الوساطة الكويتية؟ * جهود الوساطة الكويتية مشكورة وطيبة، ولكن يجب على قطر أن تبحث عن الحل في عواصم الدول الأربع، ولا تلجأ لعواصم أخرى. الدول الأربع استوعبت الدرس في 2013 و 2014 جيدا، لأننا لا ننسى أن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وهو رجل وطني عروبي قومي له محبة وتقدير المصريين والعرب، بذل هذا الرجل جهدا كبيرا من أجل احتواء قطر في السرب العربي، ووقعت اتفاقية الرياض ووقع أمير قطر شخصيا هذا الاتفاق، ولم تكترث قطر بهذا الاتفاق وواصلت تدخلها في شؤون الدول العربية، ولم ترتدع، وواصلت دعمها للتطرف وإيواء الإرهابيين، ومواصلة حملات الكراهية وتزييف الحقائق، وبالتالي الدول الأربع عازمة على أن يكون التزام قطر حقيقي من خلال آليات واضحة محددة، حتى وإن أعلنت قطر قبولها للشروط وال13 والمبادئ ال6، فأتوقع أن تكون هناك آليات تنفيذ ومراقبة تضمن التزام قطر بها، ولن يتم تكرار ما حدث في عام 2014 عندما أعادت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها إلى الدوحة بعد هذه الاتفاقيات، ولكن مصر لم تعد سفيرها إلى الدوحة اقتناعا منها أن الدوحة لن تغير سياساتها ومواقفها. * تم تسريب وثائق سرية تفضح سعي قطر لإفساد دور مصر في المصالحة الفلسطينية، هل لعبت قطر دوراً في تعزيز الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس؟ * بشكل عام، أحد سمات السياسة الخارجية القطرية للأسف الازدواجية والتناقض واللعب في المنطقة الرمادية، قطر تقدم على الشيء ونقيضه في نفس الوقت، وهناك أمثلة كثيرة متعددة، هي تعلن دعمها لعملية السلام ودعمها للفلسطينيين ودعمها للمصالحة وتحتفظ بعلاقات مع إسرائيل تتعارض مع الثوابت العربية، قطر تعلن دعمها للحرب على الإرهاب وتدعم وتمول الجماعات الإرهابية في سورية وليبيا ومصر واليمن وأفغانستان، وتعلن أنها مع المواقف العربية الموحدة والأمن القومي الخليجي والعربي وفي نفس الوقت تحتفظ بعلاقات مع إيران تتجاوز الخطوط المتعارف عليها بين دول الخليج وإيران، وفيما يتعلق بملف المصالحة قطر تجري اتصالات بالفصائل الفلسطينية وفي نفس الوقت لا تسعى إلى مصالحة حقيقية بينهما، ونحن في مصر هذا الملف لم نبذل فيه وقتا فقط، ولكننا بذلنا فيه الدم المصري الذي سال دفاعا عن عروبة فلسطين وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة. * الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني أصبح محط الأنظار الآن، هل ترى أنه سيكون الأمير المقبل؟ * الشيخ عبدالله ينتمي إلى فرع قوي، وجده هو مؤسس قطر، ويبدو عليه سمات الجدية والمسؤولية، وحديثه يوحي أنه رجل حريص على بلده وعروبته، ولعب دورا طيبا للغاية في أزمة الحج ومحاولات تسييس الحج، أزعج الحكومة القطرية لأن الجميع تجاوب معه من أبناء الشعب القطري، وبالتالي كان مصدر إزعاج للحكومة القطرية، والكثيرون يشيرون بالبنان إليه على أساس أنه المنقذ أو المخرج. * كيف ترى مؤتمر المعارضة القطرية في لندن، وهل ترى أن لديهم الأدوات لتغيير رأس السلطة في الدوحة؟ * كان المؤتمر ناجحا، لأنه أول مرة يعقد مؤتمر علني لقطريين معارضين لنظام الحكم في بلدهم، وتبعه إعلان بعض الأمراء تأييدهم للمعارضة ومطالبتهم بضرورة تغيير نهج النظام وانتقادهم الشديد للحكومة، وبالتالي فقد تجرعت الحكومة القطرية من نفس الكأس الذي طالما حاولت أن تذيق الآخرين منه، قطر طالما دعمت الجماعات والمعارضة في معظم الدول العربية، وبالتالي هي فهمت الآن كيف يمكن أن يعتبر دعم المعارضة إزعاج وتدخل. لم تصل المعارضة بعد إلى الدرجة التي نستطيع معها أن نقول أنها قادرة على تغيير نظام الحكم، أولا.. لا توجد معارضة في قطر بالمفهوم التقليدي للمعارضة، الشعب القطري عدده قليل، لا توجد أحزاب سياسية ولا منابر معارضة، والمعارضون الموجودون حريصون على أن لا تسمع أصواتهم حفظا على مصالحهم، ولكن إذا ما استمر نهج الحكومة الحالي وازدادت التداعيات السلبية لابتعاد قطر عن محيطها الخليجي العربي فبدون شك ستزداد الكلفة والفاتورة وسيمثل ذلك عبء على الحكومة القطرية مستقبلا، وبالتالي فإن الأخطار الاقتصادية والسياسية تضاف إليها معارضة منظمة، كل هذه أمور قد تفرز مناخا يعلي من صوت المعارضة القطرية ووقتها نستطيع أن نقول إن المعارضة قادرة على التغيير، أما الآن فأمامهم مشوار طويل يجب أن تقطعه. * كيف تُرتب من يتحكم في السلطة القطرية الآن؟ * وفقا للتحليلات، فإن الشيخ حمد بن خليفة الأمير الوالد ورئيس وزراءه السابق حمد بن جاسم هما اللذان يديران الملف في هذه المرحلة، وحولهما دائرة من المستشارين سواء عرب أو من دول الجوار مثل إيران وتركيا، وبعض مستشاري الجماعات المتطرفة الموجودة في قطر، وكذلك بعض المستشارين الأجانب وهم على درجة كبيرة من الخبرة في المناورة والمراوغة والتهرب من الاستحقاقات، الأمر لا يحتاج إلى خبراء أو باحثين، إذا قرأنا الماضي نستطيع أن نقرأ المستقبل، لا توجد دولة واحدة في المنطقة نجحت في أن تعيش بمفردها. * هل تستطيع قطر الصمود كثيراً في مواقفها المعادية ضد الدول العربية؟ * قطر لن تستطيع الصمود فترة طويلة، إذا استمر موقف الدول الأربع متماسكا، وإذا ما نجحت الدول الأربع في الحفاظ على رسالتها القوية الصارمة الحازمة الواضحة، ستضطر قطر لقبول شروط الدول الأربع. * كيف تصف تحريف قطر للحقائق حول التواصل مع السعودية؟ * تعبير عن حالة التخبط التي تمر بها قطر، وهذه هي بصمات المستشارين المحيطين بدائرة صنع القرار في قطر. * هل تتوقع حدوث مفاوضات مقبلة بين الدوحة والرباعي العربي؟ * باب التفاوض والبحث عن حل سلمي لهذه الأزمة مازال مفتوحا، والدول الأربع تفتح ذراعيها لأي جهود لحل هذه الأزمة، لكن لا أعتقد أن تستأنف المفاوضات دون أن يكون هناك مؤشرات واضحة من الحكومة القطرية على تغيير مواقفها. * ما الهدف من إعلان الدوحة منح "الإقامة الدائمة" لغير القطريين.. وفي نفس الوقت سحب الجنسية من القطريين الأصليين؟ * محاولة لكسب تعاطف المقيمين، ولكن سحب الجنسية هو السلاح الذي استخدمته قطر في عام 1996 عندما انقلب الأمير حمد على والده، وسحبت قطر الجنسية من قبائل ال مره، وبالتالي هذه وسيلة من وسائل لعبة "الجزرة والعصا" التي تستخدم في قطر لضمان ولاء القطريين ولعقاب من يخرج منهم عن الحاكم، الجنسية حق لا يمنحه الحاكم وسحبها يتعارض مع حقوق الإنسان، فالإنسان عندما يولد في مكان ما يحمل جنسيته، وربما يعود هؤلاء بشكل أكبر قوة ويشكلوا نواة لمعارضة داخلية تتعاون مع المعارضة في الخارج، هو سلاح ذو حدين في رأيي. * هل ترى حلاً يلوح في الأفق القريب؟ * ستأخذ الأزمة بعض الوقت، إلى أن تكون هناك بيئة مواتية تتمثل في أن تؤتي المقاطعة ثمارها وقد بدأت في تقديري الشخصي، وأن تتغير التوازنات الإقليمية، وربما تزداد وتنمو المعارضة القطرية في الداخل، وتتنامى الضغوط الدولية والأميركية على قطر، وإن كانت الفرص للحل ضعيفة في هذه المرحلة ولكن مازال الأمل موجود حين يدرك الأشقاء في قطر أن مصلحتهم مع الدول الأربع، وأن تتراجع عن تجاوزتها في حق هذه الدول. * كدبلوماسي.. ما تقييمك لعمل الدبلوماسية السعودية مع ملفات المنطقة؟ * السعودية تمر بتطور غاية في الأهمية، هناك الجيل الجديد من العائلة الحاكمة الذي يتميز بالانفتاح والدماء الشابة، ورؤية هذا الجيل لن تخرج عن ثوابت وقيمة المملكة التي لا تتغير بتغير الحكام، المملكة لها دور محوري على المستوى العربي وتواجد فيما يتعلق بالأمن الخليجي العربي، في تقدير الشخصي، عندما تكون مصر والسعودية بعافية فإن هناك ضمان لسلامة الجسد العربي، وعندما تكون الأمور ليست على ما يرام، فهذا يعني خللا في العمل العربي المشترك، وحتى إن وجدت بعض الاختلافات فلن تؤثر على قوة العلاقات الحالية وفي المستقبل.