لم تكن خسارة النصر أمام نظيره الهلال في لقاء "الديربي" الأخير، مجرد خسارة عابرة، تلقاها الفريق في الدوري، إذ كانت استمراراً للنزيف النقطي بعد أربع تعادلات سبقت الخسارة، ومقابل ثلاثة انتصارات فقط، وعلى الرغم من أنها الخسارة الأولى للنصر في الدوري، إلا أنها كشفت جلياً عن الأوضاع الفنية السيئة، التي لا يزال يعاني منها الفريق منذ ثلاثة مواسم. جماهير النصر عبرت عن استيائها الشديد من مستويات عناصر الفريق بعد لقاء "الديربي"، خصوصاً العناصر غير السعودية التي لم تقدم ما يشفع لها في احتلال مراكز في الفريق، يمكن للاعبين شباب تقديم مردود فني أفضل منهم، بعد أن سيطر الإخفاق طويلاً على ملف اللاعبين غير السعوديين، منذ تسلم الإدارة الحالية دفة الفريق قبل ثمانية مواسم، عدا لاعبين أو ثلاثة، آخرهم المدافع البرازيلي المتمكن برونو أوفيني، ففي كل الفرق في العالم المتعارف عليه أن اللاعبين غير المحليين هم مصدر القوة ومن يصنع الفارق الفني، إلا في النصر فهم مصدر الإحباط لجماهيره نتاج سوء الاختيار المتكرر. اللجنة الفنية التي اعتمدتها إدارة النصر قبل بداية الموسم، لا أثر لها أو تأثير على الأوضاع الفنية للفريق، منذ معسكر تركيا في الصيف، مروراً بالمشاركة الهزيلة في البطولة العربية في مصر، ثم السقوط في فخ التعادلات الباكرة في الدوري، وتبعها خسارة "الديربي" الأخير، وقبل ذلك إقالة الجهاز الفني السابق بقيادة البرازيلي ريكاردو غوميز، والتعاقد مع البديل الأرجنتيني كوستافو كونتيروس، وهي الدوامة الفنية التي لازال النصر يتخبط في متاهاتها، دون استقرار واضح، حتى مع اعتماد اللجنة الفنية التي زادت بسوء اختياراتها الخاطئة، مع إدارة النادي لملف الجهاز الفني السابق، ثم اللاعبين غير السعوديين، في تدني مستويات الفريق ككل وابتعاده باكراً عن مشهد المنافسة الحقيقي. في النصر لم تعد الأزمة المالية وحدها من يصنع الإحباط في المدرجات "الصفراء"، بل زاد ذلك الفكر الإداري والفني القاصر عن غربلة حقيقية في الفريق، تستبعد اللاعبين الذين توقفت عطاءاتهم منذ مواسم عدة، ولا زالوا يسيطرون على مراكز مهمة في القائمة الأساسية، قبل كل مباراة، ويكفي القول في هذا الجانب على سبيل المثال ما يتحدث به النقاد والمحللون بعد كل مباراة، عن افتقاد النصر لظهيري جنب على مستوى يليق بتاريخ ومكانة الفريق، إضافة إلى مركز المحور الذي كان يمثل ثقلاً مهماً في خارطة النصر، بتواجد لاعبين عدة متميزين، وتحول هذا الموسم إلى حقل تجارب، ومجاملات لحمل شارة القيادة. لا تزال المدرجات النصراوية تعول كثيراً على قدرة الجهاز الفني الجديد للنصر، بقيادة كوستافو، بعد أن تعرف على أوضاع الفريق في ثلاث مباريات متتالية، تبدو كافية أمامه لوضع الحلول المناسبة، التي تحدث هزة فنية في الفريق، تطيح بأي عنصر مهما كان تاريخه السابق، ولم يعد لديه فنياً ما يقدمه للفريق، لمنح الفرصة حتى للاعبين من درجة الأولمبي والشباب، يمكن الاعتماد عليهم حاضراً ومستقبلاً، فالنصر ببعض عناصره الحالية المحلية وغير المحلية، ليس قادراً على الذهاب بعيداً في مشوار المنافسة المحلية دون هوية فنية حقيقية، وهو ما يبدو أن إدارة الفريق باتت تدركه متأخراً بعد أن رفضت المشاركة الآسيوية بحجة الرخصة، للتركيز على المنافسات المحلية، إلا أن ذلك ليس كافياً لصناعة فريق منافس، ما لم يتدخل مشرط الطبيب الفني الماهر بصلاحيات كاملة لاستئصال العاهات الفنية التي تشوه جسد النصر.