تلعب الموسيقى التصويرية أو "الساوند تراك" في السينما دور البطولة أحياناً وقد تشاهد فيلماً لا يميز عناصره الفنية أو التمثيلية أو التقنية أي شيء ولكن تكون خلفياته الموسيقية جاذبة إلى حد كبير وقد تحقق له وحدها نجاحات ساحقة. في السينما العربية هناك أفلام كُتب الخلود لموسيقاها التصويرية أكثر من قصتها أو أداء أبطالها أو حتى أسمائهم أحياناً، وبالطبع فنصيب الأسد من هذه الأفلام وأكثرها بقاءً في الذاكرة تذهب لأفلام مصرية، على اعتبار أن هذه السينما أخذت حيزاً أكبر وسبقت العالم العربي منذ عشرات السنوات. الموسيقى التصويرية التي تبقى في الأذهان ليست الموسيقى الجميلة، بل تلك التي تربط قصة الفيلم بعواطف المشاهد لتبقى داخله سنوات طويلة، وهنا نتذكر جيداً موسيقى فيلم "دعاء الكروان" للموسيقار المصري اليوناني آندريه رايدر. ومن الأفلام التي بقيت موسيقاها خالدة بقلوب الأجيال موسيقى فيلم "ليلة القبض على فاطمة" التي أبدع في تصميمها الموسيقار الكبير عمر خيرت، وهو نفسه الذي صنع موسيقى فيلم "الإرهابي". الموسيقار عمار الشريعي كان أيضاً ممن تركوا بصمة قوية من خلال الموسيقى التصويرية التي خلقها كخلفية لبعض الأفلام، أهمها فيلم "حليم" آخر ما قدمه الراحل أحمد زكي على شاشة السينما. بينما ارتبط اسم الموسيقار ياسر عبدالرحمن بأفلام شكلت علامة فارقة بالسينما المصرية مثل فيلم "الطريق إلى إيلات" و"ناصر 56" و"أيام السادات". ومن السينما القريبة "هي فوضى" و"حسن ومرقص". آخرون نجحوا لمرة، وبقيت أسماؤهم في الذاكرة بسبب فيلم واحد لم يستطع الجمهور أن ينسى موسيقاه، وبرغم أن حجم النجاح نفسه لم يتكرر معهم مرة أخرى إلا أن أسماءهم كُتب لها البقاء بفضل النجاح العظيم الذي خلقوه عبر موسيقاهم لتلك الأفلام، في المقدمة يأتي الموسيقار هاني شنودة وموسيقى فيلم "شمس الزناتي" المميزة، والموسيقار محمد نوح وتجربته مع موسيقى فيلم "المهاجر"، والموسيقار خالد حماد وفيلم "عمارة يعقوبيان". أما فيما يخص السينما الحديثة، وبرغم أن القليل جداً من الأفلام تميزت بموسيقاها التصويرية، إلا أن هناك أفلاماً نجحت في هذا الجانب، مثل فيلم "الفيل الأزرق" والذي قام بوضع موسيقاه هشام نزيه، وأفلام مثل "زهايمر" و"السفارة في العمارة" وأخيراً "عسل أسود" للموسيقار عمر خيرت. ويتضح من هذه القائمة مدى التنوع في الموسيقى التصويرية بناءً على تنوع أفكار الأفلام، حيث يثبت هذا التنوع أن ما يضمن النجاح والبقاء للموسيقى التصويرية وقدرتها على التأثير في وجدان المشاهد هو مدى ترجمتها لفكرة العمل، حزينة كانت أم متفائلة، أكشن أو تراجيديا، سريعة أو بطيئة، المهم أن تكون تلك الترجمة الحسية حقيقية وصادقة. عمر خيرت