لا أفق لتطور النشر العربي، وقراصنة الكتب يسرحون في الفضاء الإلكتروني المفتوح، إذ ما إن يرى كتابٌ عربيٌ جيدٌ النور، حتى يستبيحه "قرصان" الكتب، من خلال مسحه ضوئياً ونشره على شبكة الإنترنت، حتى المجلات الأدبية والثقافية لم تسلم من هؤلاء "القراصنة". فمن هو المسؤول حقاً عن استمرار ظاهرة "قرصنة" الكتب الورقية ونشرها إلكترونياً بالمجان؟ هل هم أولئك "الأشباح" المتوارون وراء حسابات غير معروفة على شبكات التواصل الاجتماعية، أم أن هنالك طرفاً آخر في التدمير الدائم لحلم التحول بمجال النشر العربي إلى صناعة. بالتأكيد المسؤول عن قرصنة الكتب ليس فقط هذا اللص أو ذاك، فثمة تقاعس من قبل الناشرين في الاتفاق على رفع دعوى جماعية ضد "سفاحي الكتب". هناك نقاش يدور هذه الأيام بين ناشر سعودي وعدد من الناشرين العرب لرفع دعوى قضائية ضد قرصان (يعيش في بلد خليجي)، لا يكف عن تصوير الكتب ونشرها بالمجان للقرّاء وقد أغلق حساباته أخيراً وتحول إلى التليغرام. هذا النقاش لا يزال قائماً لكنه متعثر عند لحظة اتحاد الناشرين ومن سيتكفل بمصاريف المحامي!. هذا في ما يخص مجال النشر ولكن ماذا عن القرّاء؟ وتحديداً القرّاء المتواطئون بوعي أو غير وعي، مع ذلك القرصان، وهم يدعمون حسابه أو موقعه على الإنترنت من خلال المتابعة وتحميل الكتب المقرصنة بالمجان، في تعارض مخجل من الرسالة الأخلاقية التي تحملها فكرة القراءة قبل كل شيء. طرف ثالث متضرر وصامت بل ومستسلم هم الكتّاب العرب، رغم ما يمكن أن يدر لهم بيع الكتب من أرباح لو احترمت حقوق ملكية الكُتّاب واكتفى القرّاء بالشراء (ورقياً أو إلكترونياً)، غير أن هنالك من الكُتّاب، من لا يهمل فقط مسألة محاربة قرصنة الكتب، بل العكس، يفرح ضمنياً لأن كتابه سيصل لأكبر عدد من القرّاء، ضمن تصفية حساب مع الناشر المتهم دوماً بأنه "يأخذ ولا يعطي". وأخيراً هنالك مشكلة التشريعات وآليات معاقبة قراصنة الكتب الغائبة داخل فضاء الثقافة والنشر العربي. إن ما تحتاجه الثقافة العربية حقاً هو حملة إعلامية دائمة تكافح جرائم قرصنة الكتب، من حق الكتّاب العرب المبدعين والمتفانين أن يجنوا من نشر كتبهم أسوة ببقية كُتّاب العالم، هذا الأمر ليس مستحيلاً، لو قام كل طرف بدوره، من القراء بمقاطعة المواقع التي تستبيح الكتب قبل حتى أن تنتهي الطبعة الأولى، إلى التشريعات وآليات المحاسبة التنفيذية ضد مجرمي الكتب، مروراً بالكتّاب المشهورين، ودورهم في دعم الوعي الثقافي المناهض لثقافة القرصنة وجمهورها، وصولاً إلى الناشرين وما أقدرهم على هذه المهمة. وإلى ذلك الوقت، سوف ننتظر لنرى من سيقبض أولاً على قرصان الكتب العربية؟! تشريعات وآلية معاقبة القراصنة غائبة