أشار تقرير (The 19th Global Trade Alert Report)، الصادر عن مركز أبحاث السياسات الاقتصادية بلندن في شهر يونيو 2016م، إلى أن 81 % من قضايا الإغراق، والدعم غير المشروع والوقاية من الزيادة في الواردات على مستوى العالم، قامت بها دول العشرين. كما أشار التقرير إلى أن أقل دول العشرين تطبيقاً لقوانين الحماية المشروعة هي المملكة؛ حيث لم تقم بفرض أي رسوم حماية ضد أي واردات منذ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في حين أنها تلقّت قضايا عديدة موجهة ضدها. إننا بحاجة إلى المزيد من الجهد تجاه حماية أسواقنا من الإغراق ومكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية الموجهة ضدنا لما ينطوي عليها من آثار سلبية مدمرة على اقتصادنا، وما يشكله ذلك من تهديد حقيقي لصناعاتنا الوطنية، حين تعجز عن منافسة واردات مُغرقة إما سعراً أو كماً أو نوعاً، أو كلها مجتمعة. كما أن حماية الأسواق والصناعات الوطنية، تعتبر إحدى معايير القياس الهامة لجذب الاستثمار الأجنبي، لأنه من الأهمية بمكان للمستثمر الأجنبي الاطمئنان إلى أن الأسواق التي يستثمرون فيها هي أسواق مستقرة ولديها الأدوات والتطبيقات المناسبة لمواجهة كل ما يمكن أن يتسبب في اختلال الأسواق. وحيث تعتبر المملكة الدولة الأكبر صناعة والأكثر استهلاكاً على مستوى الخليج، وبالتالي فهي الأكثر تأثراً من الممارسات الضارة في التجارة الدولية على مستوى المنطقة وهذا ما تؤكده الإحصاءات. فقد تلقَّى مكتب الأمانة الفنية بمجلس التعاون الخليجي بالأشهر الأخيرة قضايا عديدة تشكو من حالات الإغراق. ونعتقد أنه من الأهمية بمكان أن تجد هذه القضايا الدعم اللازم من المسؤولين وصنّاع القرار لحماية صناعتنا بشكل فعَّال؛ ولكن يبدو أن مسؤولية الحماية ضائعة بين وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ووزارة التجارة والإستثمار ووزارة الإقتصاد والتخطيط ووزارة المالية؛ فإلى أين الملتجأ بعد الله لحماية صناعتنا؟ هناك الكثير من الشواهد تدلُّ على تأثر صناعات وطنية عديدة بالممارسات التجارية الضارة، منها، على سبيل المثال لا الحصر: صناعة البطاريات والسيراميك وأنابيب النفط والغاز غير الملحومة والملحومة، إضافة إلى شكاوى كثيرة شهدتها صناعة الحديد الوطنية بالذات. وبمبادرة منها، ستقوم اللجنة الوطنية الصناعية في مجلس الغرف، ببناء "نموذج عمل لحماية الصناعة السعودية" مستفيدة من تجربة إحدى شركات مسطحات الحديد ومن تجارب ومبادرات حكومية وشبه حكومية مثل مبادرة مركز كفاءة الطاقة، ولجنة مصنعي البتروكيماويات، ولجنة مصنعي الألبان ولجنة مصنعي الأسمنت لمحاولة توفير مناخ المنافسة المسؤولة التي تحمي مقدرات الوطن وتحافظ عليه. وستستفيد اللجنة الوطنية أيضاً من تجربة "فريق تطبيق نظام المشتريات الحكومية والمحتوى المحلي"، التي عملت على تفعيل أنظمة حماية الصناعة، وهي أنظمة ممتازة ولكن للأسف لا تطبق أو لايتم تطبيقها بالشكل الفعَّال. كل هذه الجهود والمحاولات، التي عملت على حماية الصناعة السعودية محلياً وعالمياً وحماية مقدرات الوطن، كانت تستحق بلا أدنى شك دعم المسؤولين على كافة الأصعدة وبالذات وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية. لاشك أن تحقيق (رؤية المملكة 2030) وبرامجها المختلفة، وخاصة برنامج دعم الصناعة والخدمات اللوجستية، هو الأمل بعد الله في وجود صناعة وطنية قوية ومزدهرة تساهم في نمو وتنوع الإقتصاد السعودي ضمن مجموعة العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم، ولتحقيق هذا الهدف فإننا نرى أن هناك حاجة إلى عاصفة حزم صناعية لإيجاد راعي رسمي "أوحد" للصناعة ليدعمها ويحميها حماية حقيقية من الناحية التشريعية والفنية والرقابية وتوفير الوسائل الفاعلة لنموها وحمايتها من الممارسات الضارة في التجارة الدولية لتؤدي دورها المنتظر في تنويع مصادر الدخل المنشود. ولإنجاز ذلك، لابد من تضافر جهود المسؤولين وأصحاب القرار لدعمها والوصول بها إلى بر الأمان، وتذليل كل العقبات أمامها من أجل توفير بيئة صناعية قادرة على التطور والمساهمة في دفع عجلة التنمية. * عضو مجلس إدارة غرفة الرياض