تدخل انتخابات المدير العام الجديد لليونسكو منعطفها الأخير اليوم الجمعة، وسط تساؤلات حول تأثير المال القطري ودوره المشبوه في تغيير مسار الانتخابات لصالح مرشح قطر حمد الكواري الذي تساوى في الأصوات مع مرشحة فرنسا أودري أزولاي ب 18 صوتاً لكل واحد منهما قبل جولة الحسم، وذلك من أصل 58 صوتاً يمثلون عدد أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو المخوّل لهم المشاركة في الانتخابات. وكانت عملية التصويت قد بدأت بتوقعات بمنافسة قوية بين المرشحة الفرنسية ومرشحة مصر السيدة مشيرة خطاب لكن الصعود المفاجئ للمرشح القطري أعاد إلى السطح فساد الحكومة القطرية وممارساتها المشبوهة للظفر بتظاهرات دولية مثل تنظيم كأس العالم 2022 ومنصب مدير عام اليونسكو. تسعى قطر حثيثاً للفوز بسباق الانتخابات بأي وسيلة، وتسلك في ذلك كل الطرق الملتوية، بما في ذلك شراء الأصوات وابتزاز اليونسكو ذاتها بالدعم الذي قدمته الحكومة القطرية في سنوات سابقة، الأمر الذي دعا حكومة الولاياتالمتحدة الأميركية إلى التلويح بالانسحاب من هذه المنظمة الثقافية بسبب رضوخها للمال وتأثرها الشديد به. وتأتي الاستماتة القطرية للفوز بالمنصب لاعتبارات كثيرة أهمها وضعها الدولي الراهن بعد الكشف عن دورها المدمر في الشرق الأوسط والعالم، من دعم للإرهاب وبث للكراهية والعبث بمقدرات شعبها لصالح جماعات متطرفة منتشرة في أنحاء العالم. لعبة شراء الأصوات التي بدت واضحة في انتخابات اليونسكو عبر الصعود المفاجئ لشخص بلا تاريخ ثقافي مثل الكواري، والمال الفاسد في قضايا سابقة، هي لعبة قطرية بامتياز يجيدها "تنظيم الحمدين" ببراعة، بل لا يُجيد غيرها، وبفضلها فازت قطر بتنظيم كأس العالم 2022 أمام أميركا التي كانت الأكثر استحقاقاً والأكثر تأهيلاً لاستضافة حدث عالمي كهذا. كما اتضح دور المال القطري الفاسد في تمويل جماعات الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا واليمن، إضافة لشراء ذمم المرتزقة وتحريضهم على أوطانهم، بل إنه في فرنسا ذاتها التي تستضيف مقر اليونسكو علت اتهامات قوية ضد ممارسات السفارة القطرية في باريس ومحاولاتها لتشويه الحياة السياسية في فرنسا، وقد كتب عن هذا الدور المشبوه الصحفيان الفرنسيان مالبرونو وتشيسنو كتاباً مهماً نشر عام 2013 بعنوان "قطر.. أسرار الخزينة" وتحدثا فيه عن المال القطري والرشاوي التي حاول "تنظيم الحمدين" تقديمها لسياسيين فرنسيين وأوروبيين من أجل التأثير على القرار الأوروبي. تعتقد حكومة قطر أن المال وحده يكفي لشراء التاريخ والجغرافيا، والثقافة والحضارة، ويكفي لوضعها في قمة القرار الدولي، وهي تنظر إلى انتخابات منصب المدير العام في منظمة دولية تُعنى بالثقافة، كوسيلة لتجميل صورتها وتبرئتها من التهم الثابتة عليها. لكن التغطيات الإعلامية العالمية المواكبة لانتخابات اليونسكو والتي تشير دائماً إلى فساد المال القطري، والمظاهرات أمام مقر اليونسكو في باريس للتنديد بإرهاب الحكومة القطرية، تؤكد أن حيل "تنظيم الحمدين" باتت مكشوفة في واقع عالمي جديد لم يعد يقبل مثل هذه الممارسات المشبوهة، ولن يقبل فوز مرشح بلا ثقافة ليقود منظمة ثقافية مثل اليونسكو. مرشحة فرنسا أودري أزولاي الكتاب الفرنسي «قطر.. أسرار الخزينة» سلط الضوء على فساد قطر