شهدت الساعات الأخيرة تفاصيل مثيرة في صراع حسم مقعد مدير عام المنظمة الدولية للعلوم والثقافة «اليونسكو» قبيل الانتخابات التي جرت على المنصب أمس، بمقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس لخلافة البلغارية إرينا بوكوفا المديرة السابقة. وكانت كواليس التنافس على المقعد شهدت ما يمكن تسميته بالمؤامرة من جانب دولة قطر على مرشحة مصر والقارة الأفريقية، مشيرة خطاب، للدفع بمرشحها حمد بن عبدالعزيز الكوارى، وكشف وزير الخارجية المصري سامح شكري خيوط هذه المؤامرة؛ إذ أكد أن الحديث عن استخدام المال في تعزيز موقف المرشح القطري يدفع إلى القلق على سمعة «اليونسكو» التي تمتلك ميزانيتها الخاصة، مشيرا إلى أن أي أموال إضافية يجب أن تُمنح للمنظمة التزاما بدورها الثقافي في العالم، وليس لشراء أصوات الأعضاء أو تحقيق أغراض شخصية أو مصلحة دولة تريد الهيمنة على المنظمة. استخدام الرشاوى وحذر شكري من أن استخدام الأموال في هذه الانتخابات يخرج عن إطار مبادئ الأممالمتحدة والوكالات التابعة لها، ويعكس اتجاها للشخصنة والانتهازية، وهو ما لا يمكن قبوله، وشدد على أن منظمة «اليونسكو» ليست للبيع، وهي ملك للمجتمع الدولي ولا يمكن بيعها لدولة بعينها أو شخص يهيمن على سياستها ومقدراتها، مشيدا بما تردد ودار في أروقة المنظمة الدولية للعلوم والثقافة بأنها ليست مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، في إشارة الى فضيحة الفساد التي تكشفت خيوطها بمنح قطر حق تنظيم كأس العالم 2022 عن طريق الرشاوى، لافتا إلى أن «اليونسكو» منظمة دولية تحظى بالهيبة، ويجب أن تسعى الدول الأعضاء بها للحفاظ على ذلك إذ تعد منبرا للحفاظ على الثقافة والحضارة الإنسانية ولا يمكن أن تستحوذ عليها أى نوازع شخصية بفضل المال. بدورها، ترى المرشحة المصرية، مشيرة خطاب، أن منظمة اليونسكو ستدفع ثمنا باهظا إذا حدث ما يتخوف منه البعض، مشيرة إلى أنها وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تختص بشؤون التعليم والتراث والعلوم، ولا علاقة لها بالسياسة، التي تقع ضمن اختصاصات الأممالمتحدة. قطر تدفع في المقابل، انتقد الأديب المصري محمد ناصف تعدد المرشحين العرب، مشيرا إلى أنه كان يجب الاتفاق على مرشح عربي لتوحيد الأصوات لتفادي مواقف سابقة تفتت فيها الأصوات العربية وظفر بالمناصب أجانب، مؤكدا أن قطر دفعت بمرشح من أجل المناكفة مع مصر على خلفية الخلافات السياسية، متوقعا فوز مرشحة مصر وأفريقيا مشيرة خطاب التي حققت إنجازات كبيرة من خلالها تبوأها مواقع عدة في السلك الدبلوماسي ومنصب وزيرة الدولة للأسرة والسكان مرتين، لافتا إلى أنه لو استخدمت قطر سلاح المال لشراء الثقافة مثلما استعملته في الكرة لأصبحت كارثة على مهنة الإبداع وستكون بمثابة لطمة للتراث والحضارة. وفي السياق، قال الروائي د. السيد نجم «إن التراث التاريخي والثقافي لمصر لا يمكن مقارنته بقطر»، مشيرا إلى «أن الأخيرة تسعى لبناء أمجاد زائفة في كافة المجالات من بينها الثقافة»، وشدد على أن المرشحة المصرية تتسم بالثقافة والاطلاع الواسع والخبرة في المناصب، كما تحظى بدعم العرب وعدد كبير من الدول الأجنبية، لافتا إلى أن ترؤس مصر لمنظمة «اليونسكو» بمثابة دفعة كبيرة للثقافة والتراث العربي الذي يمتد بجذوره إلى مئات السنين. ويرى الكاتب والباحث د. عمار علي حسن أن قطر فقدت أي تأييد عربي سواء في ترشحها لمنصب مدير «اليونسكو» أو أية منظمة عربية أو دولية في أي مجال آخر غير الثقافة، لاسيما بعد ثبوت تورط الدوحة في تمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، كما أدى الموقف القوي من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «المملكة والإمارات والبحرين ومصر» في كشف خيوط المؤامرات القطرية ضد العرب. وأوضح حسن أن الدوحة فقدت مساندة دول مجلس التعاون الخليجي في معركة اليونسكو خصوصا المملكة لدورها السياسي والثقافي الكبير ليس في المنطقة العربية فحسب ولكن في العالم كافة. تنافس المرشحين ويتنافس على منصب مدير عام «اليونسكو»، المصرية مشيرة خطاب التي حصلت على دعم المجموعة الأفريقية عبر قرار صدر عن القمة الأفريقية العام الماضي في رواندا، والمرشحة اللبنانية الرسمية فيرا خوري التي تعمل منذ 20 عاما في اليونسكو، ووزير الثقافة القطري السابق ومستشار أمير قطر للشؤون الثقافية حمد عبدالعزيز الكواري، فيما دفعت فرنسا بوزيرة الثقافة والاتصال بالحكومة الفرنسية أودري أزولاي، في موقف هو الأول من نوعه بترشيح منافس من بلد المقر فرنسا، وتضم المنافسة مرشحين من أذربيجان وجواتيمالا والعراق وفيتنام والصين. ورغم وجود 9 متنافسين على منصب المدير العام لليونسكو، إلا أن المنافسة باتت محصورة بين ثلاثة عرب هم خطاب والمرشح القطري والمرشحة اللبنانية مع المرشحة الفرنسية. يذكر أن الدول العربية السبع التي لها حق التصويت في الانتخابات، هي مصر والمغرب والسودان وقطر ولبنان وسلطنة عمان والجزائر.