أكدت المملكة ضرورة تطبيق آلية فعالة للتحقق من تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني والتفتيش والرقابة، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال في حال انتهاك إيران لالتزاماتها بموجب هذا الاتفاق، معربة عن قلقها البالغ حيال استمرار إيران في إطلاق صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية، وتؤكد في الوقت نفسه على الحق الأصيل لجميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءاتها وتحت إشرافها. جاء ذلك خلال كلمة المملكة أمس أمام اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة (72) وألقاها نائب المندوب الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة الدكتور خالد المنزلاوي. وأكد الدكتور المنزلاوي عزم المملكة على التعاون مع الجميع لإنجاح هذه المهمة الموكلة لرئاسة اللجنة الأولى، وتأييدها ما تضمنه بيان المجموعة العربية وبيان حركة عدم الانحياز، وقال: "التزاماً من المملكة العربية السعودية بأحكام ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ الشرعية الدولية بوصفهما ركيزتان أساسيتان في سياستها الخارجية، فإنها تولي أهمية خاصة لتعزيز دور الأممالمتحدة في جميع المجالات، ولاسيما فيما يتعلق بقضايا الأمن الدولي ونزع السلاح، وذلك إيماناً منها بأن هذه القضايا تمثل وحدة متكاملة لا يمكن بدونها للعالم أن يعيش بسلام واستقرار". وبين أن تعزيز مناخ السلم والأمن الدوليين يتطلب إرادة سياسية صادقة، وعزيمة قوية من جميع الدول، وعلى الأخص الدول الحائزة على الأسلحة النووية حتى يتم التخلص من الاعتماد على تلك الأسلحة وغيرها من أسلحة الدمار الشامل كأدوات للأمن القومي، وفي هذا الإطار ترحب المملكة بالاتفاق الذي اعتمد هذا العام لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، وتأمل أن يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين والسعي نحو التخلص التام من جميع أسلحة الدمار الشامل في جميع الدول بلا استثناء. وأشار إلى أنه فيما تشهد عدد من المناطق نجاحاً في إقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية بفضل تعاون دول هذه المناطق وإدراكها حتمية التعايش السلمي، نجد أن منطقة الشرق الأوسط تستعصي أمام الجهود الدولية والإقليمية لجعلها منطقة خالية من الأسلحة النووية، وذلك بسبب رفض إسرائيل لأي مسعى في هذا السبيل، مضيفاً أنه من المؤسف حقاً أن يتوافر إجماع دولي ورغبة إقليمية ملحة في جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وتقف إسرائيل حائلاً أمام تحقيق رغبة شعوب المنطقة في العيش في منطقة خالية من التهديد النووي". وأعرب الدكتور المنزلاوي عن أسف المملكة لعدم توصل اجتماع مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية للعام 2015 إلى اتفاق على الوثيقة الختامية للمؤتمر، مما عطل الجهود الهادفة لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، ويشكك في مصداقية المعاهدة ما قد يدفع دول المنطقة إلى التسابق في الحصول على الأسلحة النووية. وتابع قائلا: "تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية أن تلتزم إيران بالاتفاق النووي الموقع مع مجموعة 5+1 وعلى دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الشأن، وعلى ضرورة تطبيق آلية فعالة للتحقق من تنفيذ الاتفاق والتفتيش والرقابة، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال في حال انتهاك إيران لالتزاماتها بموجب هذا الاتفاق، وعلى أهمية توقيع إيران على جميع مواثيق السلامة النووية، ومراعاة المشاغل البيئية لدول المنطقة، كما تدعو إيران للالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 (2015م) المتعلق بالصواريخ الباليستية والأسلحة الأخرى، وتعرب المملكة عن قلقها البالغ حيال استمرار إيران في إطلاق صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية". وأضاف "تؤكد المملكة العربية السعودية على الحق الأصيل لجميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءاتها وتحت إشرافها، كما تدعم الموقف الداعي لتسهيل نقل التكنولوجيا والخبرات والمعدات المتعلقة بامتلاك الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية، حيث تركز معاهدة عدم الانتشار النووي على ثلاثة أركان: عدم انتشار الأسلحة النووية، والسعي لنزع الموجود منها، وتسهيل الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، كما تحث المملكة الدول الصناعية على التعاون لإزالة العراقيل الموضوعة أمام نقل التكنولوجيا في هذه المجالات إلى الدول النامية". وقال: "تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية تنفيذ اتفاقيتي حظر الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، حيث كانت المملكة من أوائل الدول التي انضمت للمعاهدات الدولية ذات العلاقة، وأنشأت هيئة وطنية مختصة للإشراف على تنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية". وأعرب الدكتور المنزلاوي عن إدانة المملكة لاستمرار النظام السوري في ارتكاب العديد من المجازر باستخدام الأسلحة الكيميائية في حق الشعب السوري، التي أثبت التقرير الخامس لآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأممالمتحدة مسؤولية النظام السوري عن ثلاث حالات منها (S/2017/131). كما تدين المملكة الهجوم الذي قامت به قوات النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية على مدينة خان شيخون شمال محافظة إدلب السورية في شهر أبريل الماضي، وتطالب بضرورة محاسبة المتسببين عن هذا العمل الإجرامي الذي يمثل تحدياً صارخاً لكل القوانين الدولية والمبادئ الأخلاقية الإنسانية، كما ينتهك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بما فيها قراري مجلس الأمن رقم 2118 و2209 الخاصين باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. وتابع قائلاً: "إن المملكة العربية السعودية تدعم قرار مجلس الأمن رقم 1540 (أبريل 2004) الذي يحث جميع الدول على تعزيز التعاون لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل من أجل منع حصول الجماعات الإرهابية على مواد تصنيع أو إنتاج أسلحة الدمار الشامل، وقد قدمت المملكة تقاريرها المطلوبة ضمن لجنة القرار، وعقدت ورش عمل وطنية ودولية للتعريف بالقرار ودعم تطبيقه". وبيّن أن المملكة العربية السعودية تؤكد أهمية تفعيل برنامج الأممالمتحدة لمنع الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والخفيفة، من جميع جوانبه ومكافحته والقضاء عليه، وذلك من أجل تعزيز قدرة الدول الأعضاء على مكافحة تلك الظاهرة الخطيرة المترتبة عليها التهديدات المختلفة في ظل وصول تلك الأسلحة إلى الكيانات من غير الدول. وأضاف الدكتور المنزلاوي قائلًا: "تأمل حكومة بلادي إلى التوصل لتوافق دولي بهذا الشأن خلال مؤتمر المراجعة الثالث لبرنامج العمل والمزمع عقده عام 2018". وبين أن المملكة تؤكد على أهمية أن يظل استخدام الفضاء الخارجي محصوراً في الأغراض السلمية، حيث قامت الاتفاقات القانونية الدولية ذات الصلة بدور إيجابي من أجل تعزيز الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي وتنظيم الأنشطة فيه، مع الأخذ في الاعتبار أن الفضاء الخارجي يعد ملكية عامة للإنسانية جمعاء، حيث يجب ألا تقيد المساعي الرامية لضبط الفضاء الخارجي الحق الأصيل لكل دولة في الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، مشدداً على أهمية التعاون الدولي في الإطار متعدد الأطراف لتعزيز الأمن المعلوماتي وتأمين المصالح الوطنية على شبكة المعلومات الدولية. وفي ختام الكلمة قال نائب المندوب الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة الدكتور خالد المنزلاوي: "إن المملكة العربية السعودية تعتقد يقيناً أن الإرادة الدولية قادرة على التوصل إلى حلول جذرية لكل المشكلات التي تعترض سبيل التوصل إلى حل كثير من القضايا المطروحة أمام اللجنة".