تدفع العائلة السعودية أعلى قيمة تذكرة سينمائية في العالم بسبب غياب صالات السينما، حيث تضطر للسفر إلى الدول المجاورة من أجل حضور فيلم جديد. وبدل أن تدفع قيمة 35 ريالاً للفرد الواحد مثل أي عائلة في بقية دول العالم، فإنها إضافة إلى ذلك تدفع قيمة السكن وتذاكر الطيران وكل ما يترتب على السفر من مصروفات، لتصل تكلفة حضور الفيلم الواحد للفرد الواحد إلى 400 ريال تقريباً، وهذه قيمة قياسية لا يدفعها غير الفرد السعودي. عودة صالات السينما إلى المملكة ستقلل من تسرب المال السعودي إلى الخارج وستحفظه داخل منظومة الاقتصاد الوطني، كما ستوفر خياراً ترفيهياً يومياً للعائلة السعودية يغنيها عن السفر للخارج ويجعلها حاضرة في قلب المشهد السينمائي تتابع الإنتاجات الجديدة أولاً بأول بما يسمح لها بمواكبة العقل الإبداعي العالمي والتفاعل معه ومحاورته بشكل حضاري وبلغة فنية راقية. تمتلك المملكة العربية السعودية كل المقومات التي تجعل من عودة صالات السينما حدثاً مؤثراً في اتجاهات عديدة، أهمها عدد سكانها الكبير والشغوف بالفنون والمتفاعل معها بإيجابية منذ سنوات، والذي يؤهل المملكة إلى أن تصبح منارة فنية على غرار هوليود وبوليود ونيولود من حيث مبيعات تذاكر السينما وارتفاع الإيرادات أو من حيث وفرة مواهبها في صناعة السينما المحلية والتي تقول المؤشرات الأولية إنها قادرة على منافسة السينمات العالمية إذا توفرت لها السوق التنافسية من خلال صالات السينما. بوجود الجمهور الكبير والملاءة المالية الممتازة للسعوديين، ستكون المملكة على موعد مع سوق سينمائية ضخمة هي الأكبر في الشرق الأوسط، وستخلق فرصاً استثمارية كبيرة مع ما يشتمل عليه ذلك من توفير وظائف للمواطنين. وفي مدينة كبيرة مثل الرياض فإنها تحتاج على الأقل إلى 700 صالة سينما لتغطية عدد سكانها المتنامي، وهذا رقم مؤثر في صناعة السينما يسيل له لعاب شركات الإنتاج السينمائي والمستثمرين في هذا الاتجاه، وهو أعلى من عدد صالات السينما في الإمارات -مثلاً- والذي لا يتجاوز حاجز 600 صالة في جميع مدنها. في أميركا وهي عاصمة السينما في العالم وصل عدد صالات السينما إلى 40 ألف صالة في عموم ولاياتها، بواقع صالة واحدة لكل 8 آلاف مواطن أميركي، وبحسب هذه النسبة فإن المملكة العربية السعودية تحتاج إلى ما لا يقل عن 4 آلاف صالة سينما في كل مدنها لتغطي شغف السعوديين وتلبي احتياجهم، وسينتج عن هذه الصالات إيرادات سنوية لا تقل عن 15 مليار ريال. أرقام كبيرة تؤكد أهمية عودة صناعة صالات السينما للمملكة، وتصب في صميم أهداف رؤية 2030 من حيث خلق مجالات استثمارية ذات عوائد موازية لعوائد النفط، وتحسين جودة حياة السعوديين، إضافة إلى تحفيز المواهب الشابة لخوض غمار أهم الصناعات الثقافية في العالم، صناعة السينما، واحترافها لأنها ستضمن لهم أرباحاً كبيرة تغري بالتفرغ لها، فالفيلم السعودي الواحد قادر على تحقيق ربح كبير يصل لخمسة ملايين ريال لو عرض في 1500 صالة لمدة شهر واحد فقط.