مهما كان المستوى الذي سيظهر به فيلم "مناحي" فقد احتل مكانه الهام في تاريخ السينما السعودية باعتباره الفيلم الأول الذي عادت على يديه صالات السينما لمزاولة نشاطها التجاري في مدن المملكة. الفيلم عرض في جدة البارحة في احتفال خاص حضرته وكالات الأنباء العالمية وسيبدأ اليوم عروضه الجماهيرية في مجمع الملك عبدالعزيز لمدة ثمانية أيام بواقع أربعة عروض يومياً. وهذا إنجاز لم نكن نحلم به إلى وقت قريب. بالطبع كانت هناك عروض سابقة في مهرجان الأفلام السعودية بالدمام ومهرجان جدة للأفلام لكنها عروض محدودة اقتصر الحضور فيها على أعداد قليلة من المهتمين بالسينما. ومثل هذه العروض لن تأتي بالإيرادات ولا الأرباح التي تحتاجها صناعة السينما الحقيقية. لذلك كان فضل فيلم "مناحي" في كونه فتح الطريق أمام الاستثمار السينمائي، وفي بلد غنيّ مثل المملكة فيها أكبر المستثمرين في صناعة الترفيه في الشرق الأوسط فإن الشرارة التي قدحها "مناحي" ستدعو هؤلاء للدخول بكل قوتهم في هذا المجال، الأمر الذي سيؤدي إلى نهضة سينمائية سعودية قادمة تمتلك مقومات النجاح من صالات تجارية ومستثمر قوي وجمهور كبير. وبعيداً عن هذه التوقعات المستقبلية.. تبقى القيمة الحقيقية للفيلم في قدرته على كسر كافة المخاوف التي كانت تغلف علاقتنا بالسينما وصالاتها، فالآن، وبعد أن عرض الفيلم فعلاً، تمكنا من طوي جميع الأفكار التي سيطرت علينا في الماضي والتي كانت ترى في السينما وسيلة للإفساد، وانتقلنا إلى مرحلة جديدة نرى فيها الفيلم مجرد وعاء يحوي السيئ والجيد، وأن صالات السينما ما هي إلا نشاط ترفيهي بريء يجب توفيره لأفراد المجتمع مثله مثل بقية المناشط الاجتماعية. لقد قلت في مقال سابق أن الحلم بسينما سعودية سيبقى مستحيلاً إذا لم تتوفر صالة سينما واحدة.. الآن أقول إن الحلم بالإمكان تحقيقه وما علينا سوى أن نستفيد من شرارة "مناحي" وأن نوسع من دائرة العروض لتشمل بقية المناطق أو على الأقل بقية المدن الكبرى.